فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





سيد رضا الطبطبائي - 07/02/2016م - 10:16 ص | عدد القراء: 4086


كان برنامجنا السنوي استغلال اجازتنا للذهاب إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج ضمن الحملات التي كنا ننظمها ونشارك في إدارتها ومنها حملة السلام وحملة الإيمان، وكان هذا البرنامج منذ عام 1979م تاريخ تنظيم وتسيير حملة التوحيد الكويتية والتي ما زالت تؤدي خدماتها المتميزة لحجاج بيت الله الحرام حتى أيامنا هذه.

في عام 1990م اتخذت إدارة حملة التوحيد قرارها بعدم الذهاب إلى الأماكن المقدسة والحرمين الشريفين بسبب الظروف التي سادت موسم الحج للعام الماضي، فاتخذت شخصيا مع العائلة القرار للذهاب إلى مدينة NOTTNGHAM في المملكة المتحدة حيث كانت الدكتورة فخرية الصغير شقيقة زوجتي تقيم هناك لمتابعة دراستها لنيل درجة الدكتوراه مبتعثة من قبل جامعة الكويت وقد اقترحت علينا تمضية العطلة الصيفية هناك.

وفعلا بعد ذلك توجهنا إلى هذه المدينة بدلاً للذهاب إلى الحج بسبب تلك الظروف، حيث قامت الدكتورة فخرية بتأجير فيلا جميلة لنا في ضاحية تسمىCOMPTON ACRES في منطقة WEST BRIDGE FORD وكانت هذه الضاحية جديدة، وما زال البناء جاريا فيها في بعض قطعها، ومما كان مثار الإعجاب أن قطعا كاملة كانت تبنى وتشيد في أشهر قليلة، وبدون ازعاج وفي وقت هطول الأمطار بشدة وكذلك نزول الثلوج بكثافة وتغطيتها لمناطق شاسعة، وخاصة في تلك السنة والتي تعرضت فيها منطقتنا لعواصف ثلجية عاتية وشديدة أدت إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق كثيرة من المملكة المتحدة لفترة ليست بالقصيرة.

 على كل حال وعند استقرارنا في المنطقة المذكورة في آخر يوم من شهر يونيو عام 1990م ثم التعرف عليها وعلى أسواقها المختلفة وحدائقها الجميلة وعلى معالمها القريبة منها أيضاً، ولم نكن نتوقع بأننا سنحتاج لكل ذلك في المستقبل القريب لأياماً عديدة ولأشهر طويلة تتجاوز سنة كاملة.

بعد ذلك اتصل بنا الأخ العزيز والأستاذ الجليل عبدالمحسن يوسف جمال، واستفسر عن المنطقة التي نتواجد فيها وهل هي مناسبة لقضاء الإجازة فيها؟ كان الجواب طبعاً بالإيجاب، وعدنا في السفر إليها ليكون بجوارنا وأن نقوم بتهيئة سكن له ولعائلته بالقرب منا إن كان ذلك ممكناً، فتم الإتصال مع السيد مالك وهو من أصول باكستانية ويملك مكتباً للعقارات عن طريق الأخت الجليلة الدكتورة فخرية الصغير والتي قامت بتأجير الفيلا الخاصة بنا عن طريقه، فجاءت الموافقة، ولحسن الحظ كانت الفيلا قريبة منا ولا تفصلها عنا إلا فيلا غير مسكونة، عندها تم إبلاغ الأخ عبدالمحسن بذلك وحطت الطائرة التي تقله هو وعائلته والتي تتكون من خمسة أفراد (هو وزوجته وأبناءه حسين ومحمد وعبدالرزاق) واستقبلتهم في مطار هيثرو، وتوجهنا في سيارة (فان) كنت قد استأجرتها مع السائق لهذا الغرض إلى محل اقامتنا في مدينة NOTTNGHAM وبعد ساعات طويلة من السير على الطرقات والخطوط السريعة تخللتها فترات طويلة من الوقوف والحركة ببطء بسبب الإزدحام الشديد وغير المتوقع، وفي الطريق قمنا بأداء صلاتي الظهرين، واستئنفنا المسير إلى المقصد، ووصلنا بحفظ الله تعالى ورعايته، وبدأت أيام الإجازة في ربوع هذه المنطقة التي كانت من الناحية الأمنية من أفضل المناطق على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأحسنها نظافة وجودة من الناحية البيئية.

في هذه الفترة كنا ثلاث عائلات جمال وأم علي زوجة عبدالرحمن العلي شقيقة زوجتي مع أولادها، وأسرتي المكونة من زوجتي وأبنائي حسين وزهراء وحسن وتسنيم بالإضافة إلى الدكتورة فخرية التي كانت السبب في ذهابنا إلى هناك، وبعد أيام التحق بنا الأخ يعقوب السبتي مع أسرته أم فيصل والأبناء فيصل ومحمد وفاطمة أما ابنهم الأصغر علي ظل في الكويت مع خالته أم علي نظراً لصغر سنه، ومن الجدير بالذكر أن عائلة السبتي استقرت في مدينة NOTTNGHAM قبل وصولنا إليها وغادرتها إلى جنوب المملكة المتحدة لقضاء بعض الأيام هناك والعودة إليها مرة أخرى لقضاء بقية الإجازة فيها، وتمكنت الدكتورة فخرية أيضاً من استئجار فيلا صغيرة لهم عن طريق نفس المكتب.

عندما ركبنا الطائرة من مطار الكويت متجهين إلى لندن لقضاء الإجازة السنوية لمدة أربعة أسابيع أو أكثر قليلاً، لم نكن نعلم ما يخفيه المستقبل لنا ولا عن التطورات السريعة، والأحداث المتتابعة التي ستطرأ على دولتنا الحبيبة الكويت والتي أدت إلى احتلال من قبل قوات صدام الفاشي (وكان هذا حال جميع من تركوها لقضاء اجازاتهم الصيفية خارج الكويت) .

بعد أن وصلنا إلى مطار هيثرو في لندن بالموعد المحدد وفي استقبالنا الدكتورة فخرية الصغير مع سيارة بوكس وسائق استئجرتها للتوجه إلى مدينتنا التي سنقيم فيها خلال فترة الإجازة، وخلال ساعات قليلة وصلنا إليها بعد رحلة طويلة من الكويت.

في مدينة NOTTNGHAM كنا نقضي أوقاتنا بزيارة معالمها وحدائقها الجميلة الشاسعة، كانت هناك حديقة صغيرة مع بعض الألعاب للأطفال في منطقة SELVADOR التي كانت أم علي تقيم فيها، وكانت حديقة كبيرة تسمى الولتون بارك فيها أيضا بعض الألعاب للأطفال ونهر صغير جميل وعدد من الغزلان وكنا نقضي الوقت في تلك الأيام بممارسة رياضة المشي وممارسة لعبة كرة القدم، وكانت أيضا هناك حديقة أخرى في جامعة المدينة نرتادها لنفس الغرض، أما في منطقتنا ومحل سكننا كانت هناك حديقة كبيرة كنا نرتادها يومياً تقريباً وكنا نأخذ معنا الشاي والمشروبات الباردة، والبسط والمكسرات وبعض الفواكه على نفس عادة الكويتيين وكأننا في رحلة إلى البر، أما الأولاد فكانوا يقضون الوقت في لعب كرة القدم، وشيئاً فشيئاً تعرفنا على مجموعة من الشباب في المنطقة بدأوا بالتواجد في الحديقة يومياً وكانوا في غاية السعادة ويعربون عن بهجتهم وسرورهم وأصبحت المباريات الودية برنامجاً يومياً للشباب، وخلقنا جواً من الحركة والنشاط في المنطقة لم يتعودوا عليه من قبل، وكانوا يصرون قبل مغادرتهم للملعب على تحديد ساعة للعب في الغد وهم في غاية السعادة، وكنا نذهب هناك مشياً على الأقدام نظرا لقربها من منازلنا عائلات وجمال السبتي والطبطبائي، أما الدكتورة فخريه وأم علي وأولادها فكانوا يستقلون سيارات الأجرة لذلك، وكان السوق المركزي وكثير من الخدمات قريبة منا وكنا نوفر احتياجاتنا منها، وكنا نذهب إلى مدينة الألعاب الأقرب إلينا (أمريكن ادفنجر) للترفيه والتسلية وكذلك الأبعد (التون تورز) ولكن بسيارات الأجرة التي كنا نستخدمها في مشاويرنا الطويلة، وبمرور الوقت تعرفنا على عائلة كويتية (عائلة النجار) حيث كان رب العائلة يسعى للحصول على درجة الدكتوراه وكان مبتعثاً من قبل وزارة الداخلية الكويتية، وكانت تسكن في منطقة السلفادور.

بعد استقرارنا في مدينتنا وكما قلنا وبعد التعرف على معالمها المختلفة، وقضاء أوقات ممتعة، طابت بنا الإقامة فيها، قررت تمديد إجازتي أسبوعين اضافيين، فاتصلت بمدير دائرة الشؤون القانونية بشركة صناعة الكيماويات البترولية الأخ محمد محمود الرحماني وأخبرته بذلك وقال (أخذ راحتك) وسألني عن أجواء الإجازة والمنطقة التي نقطن فيها فقلت له بأنها أكثر من روعة، بعد ذلك استفسرت وسألته عن الوضع المتوتر على الحدود الكويتية العراقية وأنباء الحشود العسكرية للقوات الصدامية وما تصل من أخبار في هذا الشأن والتهديدات التي يطلقها كبار مسؤولي النظام الصدامي واتهام الكويت بالعمل على الإضرار بالاقتصاد العراقي وتقويض أمنه، فأفاد بأن التوتر موجود ولكن لا يدعو للقلق، شكرته ثم أغلقت الهاتف وكملنا المشوار في مدينة NOTTNGHAM .

في التاسع من محرم الحرام من عام 1990 قررنا الذهاب إلى لندن الأخوة الاعزاء عبد المحسن جمال ويعقوب السبتي وأنا لحضور مجلس حسيني أعده بعض الأخوة المؤمنين هناك، وكان الشيخ الدكتور أحمد الوائلي هو المتحدث والمقرئ في ذلك المجلس الذي عقد في صالة تم استئجارها لهذا الغرض، وبعد الإنتهاء من المجلس أوصلنا الأخ محمد الحكيمي الذي كان يقطن في لندن إلى محطة القطار لنتوجه إلى محل اقامتنا ولكن الساعة كانت بعد الحادية عشرة مساء، حيث أبلغنا بائع التذاكر بأن حركة القطارات إلى مقصدنا تتوقف عند الحادية عشرة مساء وتستأنف صباح اليوم التالي، استئجرنا سيارة تاكسي وعدنا لنقضي ليلتنا في أحد فنادق لندن بقرب الإجوارد رود، حيث كان الأخ الحكيمي قد غادر المحطة بناء على طلبنا وعدم مرافقتنا حتى قطارنا الذي سوف نستقله، وهذا كان سبب رجوعنا بسيارة أجرة للفندق، حجزنا غرفتين إحداهما للأخ عبد المحسن والثانية للأخ يعقوب ولكاتب هذه السطور، استيقظت صباحاً وبعد طلوع الشمس بعد أن قمت بأداء صلاة الفجر في وقتها، توجهت للتلفزيون وأشعلته وجلب انتباهي خريطة لدولة الكويت على الشاشة واتجاه بعض القطع العسكرية للنظام الصدامي وهي تجتاز الحدود وتصل إلى مدينة الكويت لقصر دسمان، وأيضاً صور بعض جنود النظام الصدامي وهم يوجهون فوهات بنادقهم صوب القصر وأعمدة دخان تصعد نحو السماء وكان تعليق المذيع بأنها نتيجة للقصف الجوي، وأضاف بأن القوات العسكرية التي عبرت الحدود الكويتية قد تموضعت في مركز مدينة الكويت .

لم أصدق ما رأته عيناي، وما سمعته أذناي، كان الأخ يعقوب ما زال في فراشه نائماً، خرجت من الغرفة، وتوجهت لأطرق الباب على الأخ عبد المحسن، فاستيقظ من النوم وقلت له إفتح التلفزيون واستمع للأخبار فما سمعته أنا يفيد بأن القوت الصدامية اجتازت حدودنا الشمالية ودخلت أراضينا، لم يحظى إلا قليل من الوقت حيث اتصل بي وقال أن القوات الصدامية وصلت إلى مدينة الكويت وتقصف قصر دسمان، قلت صراحة لم أزودك بالتفاصيل خشية من اتهامي بأني لا أفهم اللغة الانجليزية، قررنا نحن الثلاثة الذهاب إلى الإجوارد رود وعندما وصلنا إلى هناك رأينا عدة تجمعات من الكويتيين والكويتيات يتحدثون عن الغزو الصدامي للكويت وإمارات الغضب، وعلامات التعجب والإستنكار والإستغراب تبدو على وجوههم وصيحات عدم الرضا تتعالى من حناجرهم، متهمين صدام بالخيانة والغدر، وعدم مراعاة حق الجار وانتهاك جميع الاتفاقيات والعهود الدولية والمبادئ الإسلامية والإنسانية، وكان في هذا الوقت قد استكملت قوات صدام السيطرة على الأراضي الكويتية تقريباً وتتجه نحو الحدود الجنوبية للتموضع فيها .

منذ هذه اللحظات بدأ مشوارنا كلاجئين بعد أن تم التأكد من أن صدام خطط لإبتلاع الكويت بعد الإنتهاء من الحرب التي فرضها على الجمهورية الإسلامية، عندها توجهنا إلى شقة الأخ علي المتروك القريبة لمتابعة الأخبار بطلب منه وفعلاً قمنا بالإستماع لما يجري من أحداث ومستجدات وأنباء الحرب ومواقف الدول المختلفة وتصريحات المسؤولين الدوليين حول ذلك، كنا نعيش حالة الصدمة والخوف على مصير دولتنا الصغيرة، ومصير الشعب الكويتي والأهل والأصدقاء في الداخل والخارج وخاصة في هذه الفترة من الصيف التي تعتبر فترة عطلة للمدارس والجامعة ولعدد كبير من الموظفين ويقضي خلالها عشرات آلاف من الكويتيين وعائلاتهم اجازاتهم في خارج الكويت وفي دول العالم المختلفة. وبعد ذلك توجهنا إلى سفارة دولة الكويت وكان هناك جمع غفير من الجالية الكويتية لسماع ما يجري على الساحة.

ذهبنا إلى محطة القطار لنتوجه إلى مقر اقامتنا في مدينة NOTTINGHAM، دخلنا دورنا والتقينا بعائلاتنا وكان خبر الغزو قد انتشر والكل متعجب ومندهش ومتفاجئ ومصدوم من هذا العمل وبدأنا نتناقش معاً ما العمل في المرحلة المقبلة، وكيفية التصرف مع المستجدات، وخاصة أننا أمضينا عدة أسابيع، وصرفنا ما بالجيب، وانقطعت الإتصالات مع البنوك الكويتية، وتم ايقاف بطاقات الإئتمان، والمستقبل ينبئ بأزمة مالية سنواجهها لا محالة، تشاورنا وكل أدلى بدلوه .

في الفترة القليلة التي أعقبت يوم الغزو تمت عدة اتصالات مع الأهل والأصدقاء داخل الكويت وخارجها لمعرفة الأوضاع ومن هو داخل الوطن ومن هو خارجه وكيف يتصرفون مع الوضع الجديد وهل هناك منطقة أو دولة سوف يستقرون فيها حتى يأتي الفرج وتتحرر دولة الكويت، ومن ضمن الإتصالات في اليوم التالي للغزو والتي لم تكن الاتصالات الدولية عن طريق الهاتف قد انقطعت في حينها مع الكويت.. المكالمة التي تمت مع العم المرحوم الحاج عبدالرحمن الصغير وكان ضمن ما قاله لنا (لا تخافون راح ندحرهم  خلال أيام) .

في لندن كان مجموعة من الإخوة الأعزاء من بينهم الحاج علي غضنفري والحاج أسعد خريبط والحاج عادل اليوسفي والحاج محمد تقي غالب وإخوة آخرين يتواجدون في جمعية أهل البيت عليهم السلام لتكوين تجمع يشرح قضية الكويت ومخاطر الإحتلال والدفاع عن حقوق الشعب الكويتي، وفتح ديوان عام أمام جميع الكويتيين وغيرهم للتداول والنقاش حول العمل الذي يمكن القيام به إعلامياً ومتابعة المستجدات والأخبار وكل ما يتعلق بذلك، وأيضا مساعدة من يحتاج إلى المساعدة منهم والمساهمة في حل مشاكلهم، وتوجيههم وإرشادهم للتكيف مع الوضع الجديد، وخاصة إنها المرة الأولى التي يواجهون بها مثل هذه الحالة، فهم أصبحوا بين ليلة وضحاها لاجئين فقدوا كل شئ، وانقطعوا عن الأهل في الكويت، ولا يعلمون المجهول الذي يواجهونه والمستقبل الذي بإنتظارهم، والمصير الذي سوف تقودهم إليه الأحداث المتسارعة، وتباين مواقف دول العالم بشأن الإحتلال ، والموقف السلبي والسئ لبعض الدول العربية، وخاصة الأخبار التي كانت ترد من وسائل الإعلام العالمية عن بطش أزلام المقبور صدام حسين وقواته وملاحقه أعداد كبيرة من الكويتيين واعتقالهم وأسرهم ونقلهم لمعسكرات داخل العراق، وخروج عدد كبير من الكويتيين ونزوحهم خارج الوطن.

نعود مرة أخرى لنشاطات الإخوة الأعزاء في لندن، حيث عملوا على عقد ندوات أسبوعية في الجمعية حول الإحتلال، والقيام بأنشطة للصغار والكبار، والدعوة للقيام بمسيرات ومظاهرات والمشاركة فيها مساهمة منهم في ايصال وجهة نظر الكويتيين عن قضيتهم للعالم أجمع، ومن نشاطاتهم التي جلبت الانتباه وتركت أثراً كبيراً الأمسية التي تم تنظيمها والتي اشتملت على فقرات عديدة، كان من ضمنها أنشودة للأطفال كانت مثار اعجاب لدى الكثيرين، وأما نحن فكنا كثيراً ما نستقل القطار لنشارك في فعاليات الأخوة الأعزاء، ونشاطاتهم المختلفة وكذلك المشاركة في المسيرات والتجمعات التي يدعو لها الأخوة من الكويت، والتواجد أيضا في الهايدبارك لجعل صوت تحرير الكويت عالياً ودعوة الجماهير المتواجدة هناك لتبني القضية العادلة للشعب الكويتي.

في هذه الفترة من اقامتنا بدأ كثير من الكويتيين مغادرة المملكة المتحدة للإستقرار في دول الخليج وكانت السفارة تشجعهم على ذلك وتيسر الوصول إليها وخاصة أن الدعم الحكومي (حكومة الكويت) للمواطنين لم يتم اقراره بعد في انجلترا والكل كان في مأزق لتسيير أموره في ظل تلك الظروف الاستثنائية، وكما أتذكر بأن الأغلبية الساحقة منهم صرفوا ما بالجيب ولم يبقى لديهم ما يمكنهم بالإستمرار في بريطانيا .

أما نحن فمن جانبنا قررنا البقاء في مدينتنا ولم يغادرها أحد منا، وفي هذه الأيام تمت عدة اتصالات مع الأخوة في الشتات، واستطعنا التحدث مع العم الحاج كاظم عبدالحسين الذي استقر في إمارة دبي، وقام مع عدد من الإخوة بإقامة ديوان للكويتيين هناك لمتابعة الأحداث والمستجدات والاتصال مع المسؤولين الكويتيين المتواجدين هناك، وتقديم الخدمات للكويتيين المشردين، وتيسير أمورهم، ومساعدتهم في تحمل أعباء المعيشة، وكما علمنا بأن الديوان كان عامراً ويتواجد فيه عدد كبير على مدار الساعة، وقام بتقديم خدمات متنوعة، وأعمال جليلة في هذا المجال، وخلال المحادثة التي تمت بيني وبين الحاج كاظم سألته النصيحة في ترك بريطانيا والقدوم إلى الإمارات فأجابني بأنه إذا كان بإستطاعتنا أن ندبر أمورنا وخاصة من الناحية المادية فالأفضل البقاء، أما في حالة عدم توافر الموارد المالية الكافية لذلك فالحضور إلى الإمارات أفضل وبالسرعة الممكنة لأن الأمور عادية ويمكن العيش فيها بسهولة وخاصة أن الإمارات قد استقبلت المواطنين الكويتيين بكرم وسخاء، وبدأت حكومة الكويت بصرف معونات شهرية.

في هذه الأثناء نمى إلى علمنا بأن الحكومة البريطانية قد أصدرت تعليماتها إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي بإستقبال الكويتيين، ومساعدتهم مادياً حسب النظم واللوائح مما شجعنا إلى الذهاب إلى فرع المؤسسة في المدينة، وقفت في الطابور منتظراً دوري لأشرح لهم قضيتنا، تكلمت مع الاستقبال، شرحت لهم وضعنا وانقطاعنا عن أهلنا ومواردنا المالية بسبب الغزو، وأعربوا عن أسفهم لما حدث للكويت، وكرروا أسفهم مرة تلو الأخرى وقالوا أن الضمان الاجتماعي عندهم لا يستقبل مثل هذه الحالات وأنها المرة الأولى التي يواجهون مثل هذا الطلب خلال عملهم وأن هناك جهة مسؤولة عن اللاجئين فالأفضل الذهاب إليهم وشرح قضيتنا لهم وغالبا ما يقومون بالمساعدة.

كان خلفي أحد المواطنين الانجليز يبتسم متعجباً من كلامي وكأني به يقول أنني لا أعرف معنى الضمان الاجتماعي، وأنني لم أذهب للجهة التي يجب علي الذهاب إليها، مقابل اصراري وإلحاحي، والطلب منهم الإستفسار عن ذلك من المسؤولين في الإدارة، ردوا علي بما معناه بأنه مع معرفتهم وعلمهم بما أقوله لكن لإصرارك على ذلك فإنهم سوف يسألون المدير، غابوا لفترة خمسة دقائق، وعادوا بعد ذلك لتصحيح معلوماتهم وتأييد كلامي وأن تعميماً قد وصل للتو وهو على مكتب المدير بهذا المضمون، وقالوا لي بالحرف الواحد، اذهب الآن إلى الطابق الأعلى، بعد أن تسحب رقماَ من الجهاز وتنتظر دورك، جلست أمام الشباك بعد أن ظهر رقمي على الشاشة، ليتحدث معي الموظف المختص، وأعطاني استمارة من عدة صفحات لكي أملئها بالبيانات المطلوبة، وأعيدها له مرة أخرى، وكان قد طرح علي بعض الأسئلة، وحصل نفس الشئ مع الأخ عبدالمحسن جمال، وبعد الانتهاء من كل ذلك ولا أتذكر بأننا أرسلنا له الاستمارات عن طريق البريد أو تم تسليمها باليد تم ابلاغنا بما نستحقه، كان الضمان الاجتماعي قد قرر لي كرب لعائلتي مبلغاً وقدره مائة وواحد جنيه استرليني وقنينة حليب طازج يوميا تصلني عند الباب لوجود طفله صغيرة ضمن العائلة، أما النقود فأفاد بأن دفتر شيكات سوف يصلني إلى المنزل يحمل أربعة شيكات لشهر كامل يمكن صرف كل شيك أسبوعياً وسوف يستمر ذلك شهرياً، وأبلغنا الموظف أيضاً بإستحقاقنا بدل الإيجار ولكن من خلال جهة أخرى يجب علينا مراجعتها، وفعلاً قمنا بمراجعتها مع كتاب من الضمان الاجتماعي حول استحقاقنا لهذا البدل وما تم طلبه منا هو اسم مكتب التأجير الذي تم تأجير الفيلا منه، وطلبوا منا عدم دفع الأجرة، وأن الدفع سيكون عن طريقهم شهرياً، وفعلاً تم ذلك واتصل بنا السيد مالك صاحب المكتب وقال بأن المؤسسة المسؤولة والمختصة قد اتصلت به وأبلغته بأنها سوف تقوم بدفع الايجار مباشرة.

بدأنا حياتنا الجديدة مع دخل شهري مقداره أربعمائة وأربع جنيهات إسترلينيه، وإيجار مدفوع وقنينة حليب لكل يوم، وما تبقى لنا من مال، تم أيضا صرف مبالغ وبنفس الطريقة للأخ عبدالمحسن جمال حسب أفراد العائلة وقيمة إيجار منزله.

ولابد هنا أيضا أن أذكر بأن من الدعم الحكومي البريطاني لنا كان المبلغ الثابت الذي كان يصرف لكل طفل في المملكة المتحدة، وكان مقداره سبعة ونصف جنيه إسترليني أسبوعيا، وكان نصيبي منها ثلاثون باوند لأطفالي الأربعة، بدأت مسيرة حياتنا الجديدة، والتي لم نكن نتوقعها بدخل زهيد كما ذكرنا مائة واثنان من الجنيهات أسبوعياً بالإضافة إلى ثلاثون أخرى علاوة للأطفال وقيمة الإيجار الشهري التي كانت تدفع مباشرة لمكتب العقار الذي تم إيجار الفيلا عن طريقه، أقول بدخل زهيد لأن تكلفة الحياة كانت غالية، مقارنة بعدد أفراد الأسرة، ومن الجدير بالذكر أن أشير أن علاوة الأطفال كانت تودع في حساباتنا البنكية مباشرة وليس عن طريق الضمان الاجتماعي.

خلال هذه الفترة أي بعد الإحتلال وقبل اقرار الدعم الحكومي الكويتي لنا راجعنا أيضا الجهة المسؤولة عن اللاجئين للإستفادة من بعض الخدمات والتسهيلات التي يمكننا الإستفادة منها ذهبنا هناك برفقة الأخ يعقوب السبتي وأم حسين وأم فيصل، ومما أتذكره بأنه تمت مقابلتنا من قبل المختصين فيها، وكانوا غالباً من كبار السن ومن المتقاعدين ومن خلال المقابلة علمنا بأنهم يؤدون هذا الواجب تطوعاً لمساعدة اللاجئين الذين تركوا ديارهم وهم يحتاجون لمن يؤدي لهم بعض الخدمات في موطنهم الجديد وتمكينهم من التكيف مع المجتمع الذي يقيمون ويتعاملون معه، وقدم هؤلاء لنا شرحاً مفصلاً عما تقوم به هذه الجهة، وقيل لنا أنه يجب علينا تقديم طلب وفق نموذج خاص ويتم عرضه بعد ذلك على المسؤولين المختصين للنظر فيه وانتظار قرارهم بشأنه، وعلمنا أيضا بأن اللاجئ عليه أن ينتظم في دورة للغة الانجليزية بإشراف من هذه الجهة لكي يتعرف على لغة المجتمع الذي سوف يقيم فيه، وتم تزويدنا ببعض الكتيبات الصغيرة التي تشرح بشكل واضح ما تقوم به هذه المؤسسة والخدمات التي تقدمها، وحقوق اللاجئين وواجباتهم، بصراحة كانت مناسبة للتعرف على بعض أوجه القوانين الحضارية التي تتمتع بها المجتمعات الديمقراطية، واهتمامهم بشؤون من تضطره الظروف بترك موطنه والعيش عندهم وخاصة إذا كانت هذه الظروف خارجة عن إرادته، أو بسبب الخوف والخشية من بعض الحكام الذي يستبدون بشعوبهم وينكلون بهم ويستضعفونهم، كانت هذه الزيارة لهم الأولى والأخيرة ولم يكن قد وصلنا إلى درجة اليأس للعودة إلى حبيبتنا الكويت، فعدنا أدراجنا إلى المنزل.

خلال هذه الفترة بدأنا بالاعداد لمرحلة جديدة من حياتنا، فالمدارس على الأبواب، وأخبار الغزو المشؤوم تتصدر نشرات الأخبار وعناوين الصحف والجرائد والمجلات، وكنا نتابع ما تبثه القنوات التلفزيونية عن ذلك، وخاصة نشرة الساعة الحادية عشرة مساء على شاشةbbc .

وكانت الإتصالات عن طريق الهاتف تجري بيننا وبين الإخوة المتواجدين في الخليج وفي الدول الأخرى وفي لندن للتنسيق ومعرفة ما يجري هناك من أعمال ونشاطات وأخبار الكويت المحتلة، ومتابعة الأحداث التي كانت تسيطر على كل مشاعرنا وأحاسيسنا، كنا نتبادل الآراء والاقتراحات والأعمال التي يمكن المساهمة فيها لشرح وجهة نظر الشعب الكويتي بشأن ما يجري في دولته، كانت الأخبار تصلنا حول آلاف الكويتيين الذين تركوا بلادهم واتجهوا إلأى الدول المجاورة.

وكانت أخبار المقاومة الكويتية ضد قوات الاحتلال وما يقوم به بعض الإخوة من أعمال خدماتية في بعض المستشفيات وكذلك توزيع الأغذية من خلال المخازن التابعة لبعض التجار - يمكن الاطلاع عليها من خلال ما كتبه بعض الإخوة في هذا المجال ونشر في شبكة البشائر الإسلامية - تصلنا بفضل بعض الاتصالات التي انقطعت مع الكويت ولكنها استمرت مع الإخوة المتواجدين في الدول الأخرى .

نعود إلى مدينتا NOTTINGHAM لنروي بعض ما نتذكره، زارنا قبل الغزو بأيام قليلة الأخ الكريم حيدر غضنفري مرة قبل حوالي أسبوعين من الغزو وأخرى قبل ذلك بأسبوع، في هذه الزيارة ذهبنا إلى لندن معا، لنلتقي مع آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي، أما زيارة الأخ حيدر التي كانت قبل الغزو بفترة تقدر بأسبوعين، فقد بات عندنا في المنزل لمدة يومين ثم عاد إلى الكويت ليواجه الإحتلال.

زارنا أيضاً شقيقي سيد محمود الطبطبائي مع عائلته وأقام لدينا لعدة أيام وكان عائداً من كندا وعاد إلى الكويت قبل أيام من دخول قوات الإحتلال الصدامي وبقى فيها حتى التحرير .

بعد أيام قليلة جداً من الغزو وعندما كنا في حديقة منطقتنا وكان شبابنا وبعض شباب المنطقة يلعبون كرة القدم، فوجئنا بأحد الإخوة الكويتيين ويرافقه أحد الأشخاص البريطانيين، قاموا بتعريف أنفسهم، وعلمنا بأن الكويتي هو المحامي عبدالله الجسمي، وأما البريطاني فإسمه مايك وكان قد التقى بالأخ الكويتي في السوق وعندما سأله عن جنسيته، أجابه بأنه من الكويت، ويجدر الإشارة هنا بأن الكويتي كان يرتدي الملابس الوطنية وقد جلب انتباهه وأراد التعرف عليه، وعلمنا بعد ذلك أنه كان يعمل في مدينة جده وكان يعتقد بأن أخونا الكويتي من جده والمهم عندما علم أنه من الكويت، استفسر حول وضعه في المدينة بعد احتلال الكويت وهل يريد الرحيل مع أسرته أم يريد البقاء فيها وهل هناك عائلات كويتية أخرى في هذه المنطقة ؟ ولا أدري كيف استطاعوا معرفة عنوان سكننا وكيف وصلوا إلينا حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي بهما وتبين لنا من كلام المواطن البريطاني أنه فعلا مهتم بوضعنا ومأساتنا وكان يؤكد لنا بأنه لا داعي للقلق لأننا في بريطانيا التي تقوم بتسهيل أمور من يواجهون مثل هذه الظروف، وقال بأنه سوف يقابل رئيس البلدية وبعض النواب الذين يمثلون مدينة NOTTINGHAM ليشرح لهم وضع العائلات الكويتية والطلب منهم الاهتمام بهم لأنه لا يمكنهم في مثل هذه الظروف التي يواجهونها أن يغادروا إلى وطنهم، وأفاد بأنه على استعداد لكي يصطحب معه من يشاء منا لمقابلة المذكورين، وأظن أنه تم اختيار الأخ الجسمي للقيام بهذه المهمة، وشكرناه على موقفه واهتمامه وتطوعه وإنسانيته في هذه الظروف الحرجة التي داهمتنا دون سابق إنذار، وغادرنا والأخ المرافق معه بعد أن زودنا ببطاقة التعريف الخاصة به، وفعلاً اتصل بنا بعد فترة جداً قصيرة وأفاد بأنه قد التقى مع بعض المسؤولين لشرح قضيتنا حيث رحبوا به وشكروه على اهتمامه، وقال بأن أول خطوة يجب علينا القيام بها هي تسجيل أبنائنا وبناتنا في المدارس، وزودنا بأسماء المدارس في المنطقة، وأن هناك من ينتظرنا فيها من مسؤولي المنطقة التعليمية لإرشادنا بما يجب علينا القيام به، وفعلاً ذهبنا في الموعد المحدد والتقينا بهم وقمنا بتسجيلهم حسب الفئات العمرية في مدرستين وكانت العملية في غاية البساطة وبعيدة كل البعد عن التعقيد واللف والدوران ومراجعة جهات عديدة وأوراق ومستندات كثيرة، وما تم طلبه فقط الإسم والعمر والعنوان ورقم الهاتف الذي يمكن الإتصال به مع الوالدين، وفي نفس الوقت قامت إدارة المدرسة بتوزيعهم على الفصول الدراسية وبدأوا المشوار التعليمي وسنتهم الدراسية، وما لاحظناه في نفس الوقت أن مدرسي كل مرحلة رحبوا بالطلبة الجدد وشرحوا للآخرين الظروف التي يمرون بها وأنهم لا يتكلمون اللغة الانجليزية وهم بحاجة للمساعدة وتعامل خاص حتى يتمكنوا من التحدث واستخدام اللغة الإنجليزية بطلاقة، بعد ذلك أشار المسؤول عن كل فصل تعليمي أن يقوم أحد الطلبة الإنجليز بالتطوع لمرافقة الطالب الجديد بصورة دائمة ويكون صاحبه وصديقه طوال السنة مساهمة منه في مساعدته لتعلم اللغة بصورة سريعة، وفعلاً تم ذلك وأذكر بأن أحد الطلبة المسمى ب (نايك) اختار ابني حسين لكي يكون صديقه المفضل وليساعده في كل ذلك.

في فترة قبل الغزو زارنا أيضا سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي الأصفي، لمدة يومين غادرنا بعد ذلك إلى مدينة أخرى ليلقي بعض المحاضرات في مؤتمر كان يعقد هناك .

بعد الغزو بقليل أيضاً زارنا الأخ عادل اليوسفي مع أسرته والمرحومة والدته، والأخ عبدالنبي يوسف جمال وأسرته، كما زارنا أيضا الأخ علي المتروك مع عائلته، حيث أقام في منزل صهره الأخ يعقوب السبتي، وقام بزيارتنا أيضاً الأخ عبدالحميد دشتي وحدثنا عن الكويت وأحداثها أثناء تواجده هناك وكيفية خروجه منها، كما زارنا المرحوم رفيق الدرب بوهاشم حبيب النقي وعائلته.

الآن وفي هذه الفترة، وبعد أن أصبحنا أمام وضع جديد، وواقع أليم، فالكويت محتلة، والكويتيون مشردون حول العالم بينهم مجموعة من الأحبة والأعزة، والأخبار تردنا بمغادرة الكثيرين سواء من المواطنين أو غيرهم الكويت نظراً للظروف الجديدة التي فرضتها قوات الإحتلال، حيث كانت الوسيلة الوحيدة التي كنا نتابع من خلالها ما يجري داخل الكويت، وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بالإضافة إلى بعض الإتصالات مع الإخوة الذين تركوا الكويت حديثاً ويروون بعض ما جرى هناك قبل مغادرتهم لها، والسؤال عن الأحبة والأقارب الذين رفضوا ترك الكويت المحتلة وأثروا البقاء فيها، واستطعنا خلال هذه الفترة من التحدث مع الأخ أحمد لاري الذي استقر في دبي، وأيضا كانت المرحومة والدتي وبعض الأقارب في الجمهورية الإسلامية لزيارة العتبات المقدسة، وفاجأهم الإحتلال وانتقلوا إلى الإمارات ليستقروا فيها، ومن الجدير بالذكر أن المرحومة الوالدة بعد ذلك بفترة قررت الالتحاق بنا، ووصلت إلى لندن حيث كنت في استقبالها مع الأخ محمد تقي غالب، وبعد ذلك ركبت معها القطار لنذهب إلى مقر إقامتنا، وبقيت معنا لمدة أشهر وأجريت لها عملية في إحدى عينيها، وبعد ذلك غادرتنا إلى الامارات لكي تصوم شهر رمضان المبارك هناك، وجدير بالذكر أن أقول بأنه اتصل بنا الأخ العزيز رضا حمايتيان (المعروف بالشيخ رضا) من مدينة قم المقدسة، وأحاطنا علماً بالعائلات والإخوة الذين وصلوا إلى هناك، كما دعانا للسفر والإقامة في منزله، وأبدى استعداده لمساعدتنا مالياً، فشكرته على ذلك وقلت له بأن حكومتنا بدأت بصرف المساعدات للكويتيين في الخارج، وسوف نبقى في مدينتنا وليس هناك تفكير بتركها على الأقل في هذه الفترة، وكان موقفه إنسانياً وأخوياً يشكر عليه.

كما علمنا بأن العم الحاج غلوم غضنفري رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته قد وصل إلى الجمهورية الإسلامية مع عائلته واستقروا هناك لفترة قصيرة ثم غادروها إلى الإمارات ولم يلبثوا أن تركوها بعد فترة بسيطة متجهين إلى الأردن ومن ثم إلى الكويت بواسطة حافلات كانت تهيئها السفارة الكويتية هناك لكل من يريد الذهاب إلى الكويت من الكويتيين .

بعد فترة ما يقارب من شهرين من الغزو، ومغادرة من غادر من الكويتيين واستقرار من فضل البقاء في المملكة المتحدة، تم الاتصال بنا من قبل بعض الإخوة في لندن والذين يتابعون المستجدات مع سفارتنا في لندن، بأن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله السالم سوف يزور لندن للقاء الكويتيين المتواجدين في بريطانيا وتفقد أحوالهم والاستماع إلى أراءهم وتبادل الأحاديث معهم ومعرفة ما يواجههم من مشاكل، وإلقاء خطاب يستعرض فيه الأحداث التي سبقت الغزو وآخر التطورات بشأن تحرير دولة الكويت، وطمأنة الكويتيين بجدية التحركات الدولية في هذا الشأن، وفعلاً تم تحديد تاريخ اللقاء وذهبنا إلى لندن نحن الثلاثة الأخوة يعقوب السبتي وعبدالمحسن جمال وأنا، والتقينا بباقي الاخوة هناك ومن بينهم الأخوة الأعزاء علي غضنفري وعادل اليوسفي وأسعد خريبط ومحمد تقي غالب وآخرون، وحضرنا اللقاء الذي كان في صالة كبيرة جداً استئجرتها السفارة الكويتية لهذا الغرض، وكان عدد الحاضرين كبيراً جداً، وتحدث الشيخ سعد العبدالله عن جميع الملابسات والتطورات التي أحاطت العلاقات الكويتية العراقية قبل الغزو الصدامي المشؤوم والموقف الدولي بعد ذلك، والوضع داخل الكويت والمقاومة السلمية والمسلحة ضد سلطات الأحتلال وتكاتف الكويتيين فيما بينهم وموقف بعض الجاليات من الإحتلال، وتحدث عن كل ذلك حوالي الساعة ثم فتح المجال للمواطنين لشرح مشاكلهم والإستماع إلى مقترحاتهم، والتي كان من بينها دعمهم مالياً وصرف مكافأت لهم لكي يستمروا بالعيش بصورة كريمة وخاصة أن الحكومة الكويتية بدأت بصرف مثل هذا الدعم لمواطنيها في بعض الدول، وتعهد سموه بأن يصدر توجيهاته وتعليماته بهذا الشأن وفي أقرب فرصة ممكنة، وبعد فترة جداً قصيرة دعت السفارة الكويتية المواطنين إلى تسجيل أسماءهم في مقر مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية في لندن، واصطحاب جوازات سفرهم لهذا الغرض، وبدأت السفارة بالفعل بصرف الدعم المالي الشهري لجميع الكويتيين، والذي كان نصيب من كان عمره واحد وعشرون سنة فأكثر بعشرة جنيهات يومياً، ومن عمره أقل من ذلك بسبعة جنيهات يومياً، حسبما أتذكر أما بدل الايجار فكان ألفي جنيه استرليني شهرياً، وكان كل رب أسرة يذهب إلى مبنى مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية لإستلام هذا الدعم، وبعد ذلك تم الإتفاق على تحويله في حساباتنا بالبنوك مباشرة، بدأنا بعدها بالفعل نشعر بالإستقرار والطمأنينة وراحة البال، واستقرت لنا الأمور والحمد لله تعالى من جميع النواحي وعلى كل الصعد، فالأبناء بالمدارس، والسكن مريح، واشترينا سيارات مستعملة لتنقلاتنا داخل وخارج مدينتنا، وكنا على اتصال شبه يومي مع إخواننا في الدول الأخرى وفي مدينة لندن، ونتابع أخبارهم ونشاطاتهم وتحركاتهم أولاً بأول .

في هذه الفترة أيضاً، كان من المفروض علينا أن نجدد اقاماتنا في بريطانيا عن طريق الذهاب أو ارسال جوازاتنا إلى الجهة المختصة لذلك، وكان في تلك الفترة لا يحتاج الكويتي للفيزا للذهاب إلى بريطانيا وكان يحق له الاقامة فيها ثلاثة أشهر إذا لم تخنني الذاكرة، طبعاً كان أخونا العزيز محمد تقي غالب هو الذي كان بمثابة حلقة الإتصال بيننا وبين ما يجري في لندن وكان يزودنا أولاً بأول بالأخبار الخاصة والفعاليات التي تقوم بها الجالية الكويتية لشرح ومتابعة كل ما يتعلق بالغزو وتحرير الكويت منه، وكان بحق خير وسيط ومتابع في ذلك، وكثيراً ما كنت أسكن معه في شقته عند تواجدي في لندن وكنا نتجول معا ونشارك في بعض النشاطات التي تقوم بها جمعية أهل البيت عليهم السلام، نعود لموضوع الإقامة وكيفية الحصول عليها، كنت قد تداولت الأمر مع الأخ محمد تقي وقال أن الجهة المختصة موجودة في ضواحي لندن ويمكن الذهاب إليها عن طريق القطار، وفيما لو قررنا الذهاب إلى هناك فيجب احضار كل جوازات السفر الخاصة بالعائلة، والتواجد والحضور هناك قبل الساعة الثالثة ظهراً، حيث يتم غلق الأبواب ويمنع الدخول بعد ذلك ولكن ما يميز العمل هناك هو اتمامه حتى لو تجاوز الوقت الساعة المحددة لإنتهاء الدوام الرسمي، قبل أن اتخذ قرار الذهاب إلى هناك آثرت أولاً أن أخاطب الجهة المسؤولة للإستفسار عن كيفية اتمام عملية الإقامة لأسرنا المتواجدة في NOTINGHAM، حيث الأمر يتعلق بنا جميعاً، وفعلاً أعددت كتابا بذلك بخط اليد وبعثته للجهة المذكورة وذكرت بأننا أسرة كويتية أتينا إلى بريطانيا للسياحة ولقضاء العطلة الصيفية فيها، ونقيم في مدينة NOTINGHAM، وأنتم خير من يعلم بأن الكويت قد احتلت من قبل صدام، وأننا سوف نحتاج إلى عمل الإقامة في المستقبل، فكيف يمكننا القيام بذلك وعن أي طريق، وفعلاً أرسلت الكتاب أو الرسالة إلى تلك الجهة، فوجئت بعد عدة أيام قليلة بالرد من خلال رسالة وبخط اليد أيضاً من مدير تلك الجهة، يقول فيها حسب ما أذكر بأن باستطاعتك إرسال جميع الجوازات لنا عن طريق البريد لعمل اللازم فيما يتعلق بالإقامة، ويستغرق ذلك فترة تقدر بأسبوعين.. تداولت الأمر بعد ذلك مع الأخ عبدالمحسن جمال فقال بأن الأفضل أن نذهب بأنفسنا إلى هناك لإتمام العملية لأننا قد نحتاج الجوازات إذا ما قررنا السفر إلى بعض الدول ضمن الوفود التي تشكلها الحكومة الكويتية في المنفى من الشخصيات المختلفة، السياسية والرسمية والشعبية وأعضاء مجالس الأمة السابقين وكذلك أعضاء مجالس البلدية وأعضاء مجالس الادارات لمختلف الشركات والنقابات والجمعيات المهنية والتعاونية وغيرها وكذلك الشخصيات الاقتصادية وغيرهم لشرح عدالة القضية الكويتية والظلم الذي وقع على الكويت وشعبها من النظام الصدامي المجرم.

الآن وبعد قرارنا للذهاب إلى لندن لطلب الإقامة، خاطبت الجهة المختصة والتي كنت قد بعثت لها رسالة بذلك أخبرها فيها بأنني قد عزمت الذهاب إلى لندن حاملاً معي جوازات جميع أفراد العائلة لإنجاز المهمة، وقد كانت نفسي قد حدثتني بأنه يجب إعلامهم بذلك نتيجة اهتمامهم وسرعة الرد علي، وخاصة صاحب الرد هو مسؤول كبير على مستوى المملكة المتحدة كلها وخصوصا كان الرد بخط يده وبتوقيعه كما فكرت ولا أظن أن منصبه حسب اعتقادي يقل عن منصب وزير لديهم نظراً لحساسية وجسامة مسؤولياته، فوجئت مرة أخرى برسالة قصيرة يبعثها لي ويستفسر فيها عن سبب عدم إرسال جوازات السفر له لعمل الإقامة وإنهاء اجراءاتها، هنا فعلاً دهشت لكل هذا الإهتمام، ولكنها بصراحة أنها أخلاقيات العمل، والحرص على انجاز معاملات الناس والأخلاق الطيبة التي يتمتعون بها بعدها استملت عن طريق البريد ورقة صغيرة يرد بأنه استلم كتابي والذي بينت فيه أنني سأذهب إلى (HOUSE OFFICE) بنفسي، قال بأنه سبب ارسال الكتاب إلي والذي يستفسر فيه عن سبب عدم ارسال الجوازات لعمل الاقامة هو التأخير الذي حصل في استلام رسالتك والتي ذكرت فيها أنك ذاهب إلى لندن لإتمام المعاملة هناك .

ذهبنا إلى لندن وأدينا صلاتي الظهرين في شقة الأخ محمد تقي غالب، بعد ذلك ركبنا القطار ووصلنا إلى المبنى الخاص بالإقامة وحصلنا على الأرقام الخاصة بدورنا ودخلنا إلى صالة صغيرة فيها فقط حوالي خمسة موظفين يقومون باستقبال كل المراجعين ومن خلال وقوفنا لاحظنا بأن البعض يعودون إلى الباب الخارجي ليخرجوا من المبنى ويغادرونها والبعض الآخر يكملون المشوار ليدخلوا صالة أخرى كبيرة من باب يشرف على قاعة أخرى وعندما جاء دورنا سألنا موظفي الاستقبال عن سبب مراجعتنا فقلنا لهم الهدف من ذلك فاستفسروا عن عدد الجوازات وعدد أفراد الأسرة بعد ذلك سمحوا لنا بالدخول حيث قاعة كبيرة تغص بالمراجعين من جميع الجنسيات انتظرنا دورنا ومن خلال الحديث مع البعض علمنا بأن الذين لا يسمح لهم بالدخول في القاعة هو عدم استيفاءهم لبعض الشروط أو عدم وجود بعض الأوراق المطلوبة معهم وكل ذلك للتخفيف على الموظفين في القاعة وعدم اتلاف وقتهم في معاملات ناقصة الأوراق والمستندات أو التي ليست من اختصاصاتهم وفي نفس الوقت عدم اضاعة وقت المراجعين الذين حضروا ومعهم كل ما يتعلق بمعاملاتهم.

انتظرنا لفترة ليست بالقليلة وقلت لمن معي من الأخوة (إن شاء الله تعالى يأتي دورنا مع هذا العدد الهائل من المراجعين) فأجابني بأن الاجراء والواجب عندهم والمتبع لديهم أن كل من دخل القاعة بالطريقة التي اتبعناها سوف يخرج من هنا وقد نال ما جاء من أجله حتى ولو جلسنا هنا إلى ساعة متأخرة من الليل، وبعد فترة من تواجدنا رن الجرس معلنا أن باب قبول الطلبات لأولئك الذين لم يدخلوا حتى الآن من البوابة الرئيسية قد انتهى وعليهم المراجعة في يوم آخر، الوقت كان يمضي بسرعة، وأعداد المراجعين يقل وينقص وذلك بسبب العدد الكبير للموظفين الذين يقومون بإنجاز معاملاتهم حسب الأرقام التي بحوزتهم، بعد ذلك جاء أحد الموظفين وأخذ يستفسر عن أرقام المراجعين ويقوم بكتابتها على ورقة يحملها، وعند الإستفسار عن سبب ذلك قيل لنا بأن هناك الكثير من المراجعين يصابون بالملل لإنتظار دورهم حينما يجدون كل هذا العدد الكبير منهم في قاعدة ضخمة، ويأتي هذا الاجراء لمعرفة المغادرين منهم ولا داعي لإستدعاءهم من خلال أرقامهم وتضييع وقت المراجعين والموظفين، قضينا الوقت بتبادل بعض الأمور حول غزو الكويت وكيف اضطرتنا الظروف للتواجد في هذه القاعة لطلب الإقامة ومع أننا كنا نتردد على بريطانيا كثيراً إلا أنها المرة الأولى التي تسوقنا الأحداث لذلك.

الآن بدأت الأرقام تتوالى وبسرعة على الشاشات الخاصة بها وبدأنا نلاحظ خلو عدد كبير من مقاعد القاعة من المراجعين بعد إنهاء معاملاتهم حتى أصبحت شبه خالية ولم يبقى إلا القليل منهم، ومن خلال متابعتي لشاشة الأرقام ظهر الرقم الخاص بي والكاونتر الذي يجب علي مراجعته، قمت بتقديم الجوازات والأوراق والمستندات الخاصة بكل جواز، ولم يمضي إلا وقت قصير حتى انتهيت من عمل الإقامة وكذلك أصحابي الذي كنت برفقتهم، وسارت الأمور بكل مرونة وسهولة، وكانت أيضاً هناك تعليمات من الجهات المختصة بالتعامل مع الجوازات الكويتية ومن برفقتهم بيسر ودون تعقيد، وخرجنا من المبنى لنركب القطار ونعود إلى لندن مرة أخرى بعد الإنتهاء من هذه المهمة، أما أنا فقد قضيت الليل مع الأخ العزيز محمد تقي حيث ذهبنا إلى جمعية أهل البيت عليهم السلام والإلتقاء بالإخوة ومتابعة آخر المستجدات على الساحة الكويتية، وما يقومون بها من نشاطات تتعلق بالغزو، والإستماع إلى الأخبار التي تصل من ديرتنا الحبيبة، وإخوتنا المنتشرين في كثير من الدول، بعد ذلك ذهبنا لشقة الأخ محمد تقي للنوم ومن ثم مغادرتها بالقطار إلى مدينتنا NOTINGHAM .

في أحد الأيام كنت جالساً في المنزل أنا وأم حسين زوجتي، رن جرس المنزل، توجهت إلى الباب ففتحته وإذا برجل ذو قامة طويلة، ومنكب عريض أشبه ما يكون بأفراد حماية الشخصيات المهمة، حياني بتحية صباح الخير وقال بأنه يريد الدخول إلى المنزل لفترة لا تتجاوز عشرة دقائق هو وزميله الذي لم يكن ليقل عنه طولاً وعرضاً ووسامة، وقال بأنهم من وزارة الداخلية وأنهم يقومون بواجبهم بعد أن حصلنا على الإقامة في المملكة المتحدة، وكان في غاية الأدب والإحترام والذرابة، أجبته أيضا بالإحترام، وتبادلت معه التحية وطلبت منه الإنتظار، انتظر قليلاً ثم أذنت لهم، واستأذنوني الجلوس وبدأوا بطرح بعض الأسئلة عن أحوالنا وعدد أفراد الأسرة وأمورنا التي تتعلق بحياتنا في هذه المنطقة، وشعورنا بالراحة والأمان، وتبادلوا معنا بعض الأحاديث الودية وتمنوا لنا الإقامة الطيبة، وقالوا بأنكم الآن في حماية حكومة المملكة المتحدة، وكانوا يحدثونا بكل أدب ولطف، وبالصدفة كان يتم طهي الغذاء فقال محدثي من باب اللطف بأن رائحة طعامكم زكية وطيبة فأجبته بأن الطعام غير جاهز وكنت أود أن أقدم لكم شيئاً منه، ويمكن لكم الإنتظار حتى إعداده، فشكرني وقال هذا من باب المزاح وأن وقت الغداء لم يحن بعد، وألقى نظرة سريعة على الصالة التي كنا نجلس فيها، بعد ذلك شكرونا وأعربوا عن أسفهم لإزعاجنا وقبل مغادرتهم زودني أحدهم وكان هو من طرق الباب ببطاقة التعريف بشخصيته وقال لي بأنني أستطيع التحدث إليه في أي وقت على رقم هاتفه الموجود على البطاقة اذا ما واجهتنا  مشاكل أو كنا بحاجة إلى مساعدة وعون وإذا تعرضنا إلى أي موقف أو أمر يعكر صفو أمننا واستقرارنا، أغلقت الباب بعد توديعهم وشكرهم ونظرت إلى البطاقة التي زودني اياها فعلمت بأنه مسؤول أمني كبير في المنطقة.

وجدير بنا وقد فارقنا الأخ العزيز حبيب عبدالمجيد النقي أن نذكر بعضا من سيرته مع الجماعة المباركة، وقد كنت قد تعرفت عليه من خلال تواجدنا في جامعة الكويت في منطقة العديلية، وكنت أنا أتابع دراستي في كلية الحقوق والشريعة وكان الفقيد والأخ خالد جاسم الوزان من طلبة كلية التجارة، وكنا نلتقي مع بعضنا البعض وخاصة بعد الإنتهاء من المذاكرة في مكتبة الجامعة على شاطئ البحر في شارع الخليج، وفي تلك الليالي عادة كان يتواجد عدد كبير من الطلبة لتناول وجبة العشاء أو المذاكرة أو للترويح وقضاء وقت الفراغ، ومن خلال هذه الفترة بدأ الفقيد يتواجد في جامع النقي، واستمر هذا التواجد إلى أن تم نقل الكم الهائل من النشاطات فيه إلى جمعية الثقافة الاجتماعية، وكان فقيدنا الغالي يعتبر من العناصر الشابة المحبوبة وكان ذكياً حاضر الذهن ذو أخلاق عالية وهدوء، وكان كبار الجماعة المباركة ينظرون إليه نظرة خاصة وذلك لكفاءته العالية وجديته الملحوظة ومتابعته الدائمة للأعمال التي توكل إليه، وكان الجميع يتوقع له مستقبلاً باهراً، وشأناً كبيراً، وأنه بالإمكان أن يمثل الجماعة خير تمثيل، وأن يكون صوتها النقي إذا ما قررت الجماعة خوض الحياة السياسية، وكان رحمه  الله تعالى قد دخل العمل بعمقه، واستطاع خلال فترة بسيطة أن ينال ثقة إخوانه بكل جدارة وأن يصبح أحد الأفراد المهمين والمعتمدين داخل المجموعة، وأصبح عضواً في مجلس إدارة الجمعية وبعض لجانها وكان يقوم بإدارة الندوات والمحاضرات التي تقيمها الجمعية، علاوة على قيامه بإلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات والأمسيات الثقافية والفكرية بإستمرار.

نعود مرة أخرى إلى اجتماعنا الذي كان مقرراً عندنا في مدينة NOTINGHAM والذي لم يعقد نظراً لوفاة فقيدنا الغالي، ذهبت إلى لندن حيث كان الأخ فاروق عباس تابع اجراءات نقل جثمان الفقيد من مدينته إلى لندن لإرساله بالطائرة إلى مدينة قم المقدسة في الجمهورية الإسلامية لدفنه هناك، وأذكر فيما أذكر بأن الحاج كاظم عبدالحسين والحاج علي غضنفري والحاج محمد تقي غالب والحاج فاروق عباس كنا متواجدين في مطار هيثرو في لندن لتوديع جثمان فقيدنا الغالي، وبالصدفة التقينا بالعلامة سيد جواد نجل المرجع الراحل السيد الكلبايكاني، والذي كان يريد السفر  إلى الجمهورية الإسلامية على نفس الطائرة التي كانت تنقل جثمان فقيدنا الراحل وكان على علاقة طيبة مع الحاج كاظم والذي أخبره وأوصاه خيراً وطلب منه المساعدة في إتمام الإجراءات الخاصة بدفن الجثمان الطاهر في مدينة قم المقدسة وأبدى العلامة سيد جواد استعداده لذلك، وكنا قد أبلغنا بعض الإخوة في قم المقدسة بذلك ومنهم حسبما أذكر الحاج رضا حمايتيان، الذين كانوا بإستقبال الجثمان هناك وفعلاً تم ابلاغنا بدفنه في مثواه الأخير، وأقيم على روحه الطاهرة مجلس فاتحة، وبذلك طويت صفحة حياة أحد أخوة العمل ورفاق الدرب.. تغمده الله تعالى بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وحشره مع النبي المصطفى وآله الطاهرين.

من ذكريات تلك الفترة أيضاً سفر بعض الأحبة من الكويت إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، بدون الحاجة إلى جوازات سفر أو الوقوف على حاجز الحدود، فقد كانت الحدود مفتوحة لكل عراقي يريد الدخول إلى الكويت وللكويتيين الذين يريدون السفر إلى العراق، وكانت هذه فرصة فريدة للتحدث إليهم والإستفسار عن أحوالهم وعن بقية الأهل والأحبة، وعند ورودهم إلى بغداد نزلوا في أحد الفنادق فيها وكان من بين هؤلاء المرحوم الحاج محمد خضير حبيب (بومصعب) والأخوة الأعزاء سيد جابر بهبهاني وعمار كاظم وسيد كمال بهبهاني، واستطعنا التحدث إليهم عن طريق الهاتف والإستفسار منهم عن الأحبة في الكويت، ومع أن الإتصال كان متقطعاً إلا أننا استطعنا التحدث مع عدد منهم، واستفسر الأخ عمار عن هوية المتوفي في لندن وهل هو الحاج حبيب النقي أبوهاشم فكان جوابنا بالايجاب.

ومن الطريف ذكره، أنه تفادياً للإنقطاع المتكرر معهم اتصلنا في الموظف المسؤول عن المكالمات الخارجية وقلنا له بأننا من الكويت ونقيم هنا وأقرباؤنا في بغداد وجاءوا إليها من الكويت ليتمكنوا بالإتصال بنا عبر الهاتف وهذه هي المرة الأولى التي نستطيع التحدث إليهم بعد عدة شهور، وما نريده منه أن يوصلنا إليهم أو يمكنهم من الاتصال برقم هاتفنا إذا كان ذلك ممكناً، فجاء جوابه بكل أدب واحترام، وقال لنا عليكم فقط بعدم استخدام هاتفكم في المكالمات العادية خلال هذه الفترة لكي يتسنى لي مساعدتكم في ذلك، وفعلاً استطاع لمرات عديدة أن يوصلنا بإخواننا هناك.

كان هذا الاتصال هو الوحيد منذ عدة أشهر علمنا من خلالها بعض المعلومات عنهم، وعن الأهل والأصدقاء داخل الكويت وكانت فرصة ذهبية لتبادل الأحاديث والكلمات التي كان ملؤها المحبة والشوق والحنان، وكانت المكالمات آخر أحاديث جرت بيننا وبين الأحبة الذين قاموا بزيارة العتبات المقدسة في العراق خلال فترة الإحتلال.

في أيام فصل الخريف كانت الأشجار ترمى بأوراقها بكثافة، والتي كانت تملأ الشوارع والحدائق وهي صفراء اللون، وكانت ترسم لوحة فنية جميلة سواء على الأرض، أو في حالة سقوطها، وكم كنا محرومين من هذا المنظر الجميل لسنوات طويلة لأننا في ديرتنا الحبيبة لا نملك مثل هذه الطبيعة، والقدر هو الذي ساقنا إلى حيث نقيم، والحقيقة لا يعلم المرء ماذا يخبئ له المستقبل، فالكويتيون أصبحوا بقرار من مجلس قيادة الثورة في العراق عراقييون، والكويت أصبحت محافظة من محافظاتها.

انتقلت بنا الطبيعة إلى فصل الشتاء الذي كان بارداً بحق فكان الطقس شديد البرودة، وكانت درجات الحرارة تحت الصفر، وكانت الثلوج تتساقط بكثافة، والهواء البارد يصيب جسم الإنسان بالقشعريره، وكانت الأشجار خالية من كل أوراقها متجمدة بيضاء تلتحفها الثلوج من أعلاها إلى أدناها وكان منظرها بديعاً ورائعاً وخاصة بالنسبة للذين تعودوا على الطقس الكويتي المعروف لدى الجميع، أما الربيع فما أبدعه وما أروع جماله، الورد بأشكاله والشجر بأنواعه والجو الجميل الذي يبث الحياة من جديد في كل شئ من حوله، أما الصيف فكنا نحس بحرارته وبقوة أشعة الشمس، وبالجو الحار الذي كان يبعث الملل أحياناً، وعشنا في منطقتنا أنا وعائلتي لمدة ثلاثة عشر شهراً، ولم نغادرها إلا بعد نهاية السنة الدراسية نهاية شهر يونيو، وبذلك عشنا جميع فصول السنة، حيث كان النهار طويلاً في فصل الصيف وكنا نصلي المغرب حوالي الساعة الحادية عشر مساءً أما في الشتاء فكنا نصليها حوالي الساعة الرابعة مساءً، وبامكانكم معرفة الفرق بين الفصلين في ذلك.

استمرت بنا الحياة عادية، فالإستقرار سادها، وكما ذكرنا الأطفال انتظموا بالمدارس، وفترة السياحة انتهت، أما نحن الكبار فكنا نقوم بالأعمال اليومية، من شراء الحاجيات للمنزل، ومتابعة أمورنا الخاصة، وكذلك ما كان يتعلق بدراسة الأبناء وحضور بعض الاحتفالات التي كانت تقيمها مدارسهم، والذين بالفعل بدأوا يتعلمون اللغة الإنجليزية بصورة جيدة، وكنا نشعر بالتقدم الذي أحرزوه في هذا المجال، وكذلك اهتمام إدارة المدرسة بهم، وبذلك أصبحوا جزءاً من المجموع يشاركون في النشاطات المختلفة والرحلات البسيطة التي تنضمها المدرسة وكنا أيضا نحضر جانباً منها، وعلى هذا المنوال أمضينا فترة تواجدنا هناك، أما متابعتنا لما يجري في الكويت وعلى الساحة العالمية فكانت مستمرة وبدون توقف.

كما نعلم مما ذكرناه أننا قمنا بشراء سيارات مستعملة، فقد بدأ أولاً الأخ يعقوب السبتي، الذي كان حاصلاً على اجازة القيادة من الولايات المتحدة أيام الدراسة هناك، وبعد ذلك الأخ عبدالمحسن جمال، والذي حصل على اجازة القيادة في المملكة المتحدة خلال تلك الفترة .

أما أنا فكنت أحمل اجازة القيادة الكويتية معي وذهبنا إلى مخفر الشرطة للمدينة، للسؤال عند مدى صلاحية اجازة القيادة الكويتية للإستعمال في قيادة السيارات في بريطانيا، استقبلنا أحد أفراد الشرطة عند الدخول، وطرحنا عليه السؤال فقال هذه هي المرة الأولى التي أواجه فيها مثل هذا الاستفسار، طلب منا الجلوس لكي يسأل مديره عن ذلك، بعد قليل جاء ليخبرنا بأنه يحتاج لما يقارب لعشرة دقائق وعلينا الإنتظار لكي يقوموا بالإتصال بالمركز الرئيسي في لندن لمعرفة ذلك، وبعد حوالي عشرة دقائق أخبرنا بأنه يمكن لنا القيادة بإجازة القيادة الكويتية لمدة سنة كاملة، ولكن المشكلة الوحيدة التي سوف تواجهنا هي أن الإجازة باللغة العربية وغير مبينة باللغة الانجليزية، وخرجنا من مخفر الشرطة بعد أن شكرناه على ذلك، وبعد أن اطمئناننا على صلاحية الإجازة الكويتية للقيادة في بريطانيا، وخاصة أني لم أكن أحمل الإجازة البريطانية، لكن من باب الإطمئنان تحدثت مع الأخ سيد محمد باقر الموسوي زوج شقيقتي والذي كان يقيم في دبي وسألته حول امكانية اصدار اجازة قيادة دولية لي من هناك فجاءني الرد بعد ذلك بأن المطلوب أن أبعث إليه صورة شمسية لي وصورة اجازتي الكويتية، وفعلا قمت بذلك، وبعد ما يقارب من أسبوع وصلتني الإجازة الدولية التي طلبتها من إمارة دبي .

من ذكريات الغزو أيضا قمنا بعمل ديوان في احدى ضواحي منطقتنا من خلال صالة كنا قد استأجرناها لمدة عدة ساعات ليومين في الأسبوع، وكنا نتواجد فيها مع كثير من الإخوة الكويتيين فيها، ونلتقي لتبادل الأخبار التي تصلنا من الكويت وما يخص الكويتيين في الخارج، وأيضا ما يتعلق بأخبار تحرير دولة الكويت، وأذكر إنه في احدى الليالي تواجد معنا مراسل ومصور احدى القنوات الخاصة هناك لاعداد برنامج خاص عن الجالية الكويتية في المنطقة، وبالصدفة كنت وقت التصوير لنشاط الديوان استمع لإذاعة bbc من خلال نشرة متواصله عن كل ما يتعلق بالكويت وبحرب تحريرها، وجدير بالذكر أن bbc كانت قد أنشأت بثاً خاصاً بذلك على مدار الساعة على FM لنقل ما يجري على الساحة الدولية والإستعدادات العسكرية وكل ما يتعلق بالقضية الكويتية، وكنت أستمع من خلال سماعات الأذن الصغيرة والتي كانت مرتبطة بالراديو الذي أحمله، ولم أعلم بأن مصور التلفزيون قد ركز علي بآلة تصويره، ولكن في احدى الليالي رأيت البرنامج على شاشة التلفزيون، وضمن تقديم برنامج كامل عن الكويتيين في المنطقة، شاهت صورتي تملأ الشاشة، على الوضع الذي ذكرته، وفي اليوم التالي ذهبت إلى البنك للقيام ببعض الإجراءات الخاصة بحسابي في بنك باركليز، بادرني موظفي الاستقبال بالقول بأنهم تابعوا الليلة الماضية البرنامج وشاهدوني على شاشة التلفزيون.

ومن الذكريات أذكر أنه هاتفني الأخ جواد عاشور في أحد الأيام، وتربطني به علاقة قديمة وكنا نزاول معاً رياضة كرة القدم في سبعينيات القرن العشرين، وكذلك كنا ضمن فريق نلعب سوياً لعبة البليارد في شارع الميدان في منطقة شرق، اتصل بي من القاهرة وأخبرني بأن شقيقته الأخت رحاب عاشور (أم محمد العلي) وأبناءها الأربعة إيمان ومحمد وعلي وحسين سوف يصلون إلى لندن، وطلب مني أن نقوم بمساعدتهم وإيجاد مسكن لهم وترتيب ما يحتاجون إليه، وأضاف بأنه تحدث مع أحد أصدقائه هاتفيا والذي يعمل في السفارة الكويتية في لندن لمساعدتها أيضا من خلال ما تقوم بها السفارات بالنسبة للمواطنين الكويتيين الذين يتواجدون في الخارج أثناء فترة الإحتلال وطلب مني أن أقابله في السفارة هناك لأتباحث معه حول الموضوع، وعرفت بعد ذلك أنه كان أحد اللاعبين الرياضيين وتربطه به علاقة جيدة، ومن المعروف أن الأخ جواد عاشور كان من اللاعبين اللامعين في كرة القدم في النادي العربي الرياضي، وغادرت مدينتنا إلى لندن لمقابلته وبعد أن رحب بي شرح لي ما تقوم بها السفارة من تسهيلات للمواطنين في هذه الفترة التي قامت فيها السفارة بصرف المساعدات لهم، وأفاد بأن السفارة لا تصرف للمواطنين الجدد والذين يريدون الإستقرار في بريطانيا إلا المكافأة الشهرية دون دفع مقابل الإيجار وعلى المواطن أن يدبر أموره بنفسه ودون مطالبة السفارة بذلك، فقلت له بأن الأمر مفهوم، وليس هناك مانع من ذلك واشترط علي أن أقوم بالتعهد بأنني المسؤول عن توفير سكن لها ولأولادها كتابياً، أبديت كامل استعدادي وقمت بكتابة ما يفيد ذلك على ورقة رسمية والتوقيع عليها، وغادرت السفارة ورجعت إلى مدينتي انتظر وصول أم محمد وأظن من الخليج إلينا.

وكنت في هذه الفترة على اتصال مع الأخ الكريم حمد العلي الأخ الأكبر لسامي، وكنت قد أخبرته بموضوع وصول أم محمد إلى لندن، وأخشى أن أفاجأ بوصولهم وأنا بعيد عنهم، فأبدى استعداده في استقبالهم ومساعدتهم في ذلك، وإخباري بموعد وصولهم، وفي مدينتنا بدأت أراجع بعض مكاتب تأجير العقارات، لتهيئة فيلا قبل وصولهم إلينا، وجدير بالذكر أن تأجير فيلا أو شقة ليست بالسهولة المعروفة والمعتادة في لندن، وخاصة بالنسبة للأجانب، ويجب عندها تزويد المكتب بشهادة راتب من الجهة التي يعمل لديها، ودفع قيمة الإيجار لمدة ستة أشهر مقدماً، وخطاب من البنك يثبت بأن لديه حساب فيه، ومرفق معه كشف حساب يبين المبالغ التي ترد فيه وتسحب منه أي حركة الحساب، وأخيراً وبعد مراجعتي لعدد كبير من المكاتب، استعطت أن أقنع أحدها بتأجير فيلا لنا وأن يتم دفع الإيجار شهرياً، وبالطبع شرحت لهم بالتفصيل عن سبب وجودنا هنا ولماذا نريد التأجير والهدف من ذلك، وما تدفعه لنا الحكومة من مكافأت شهرية، وبعد أن أحضرت من البنك ما يفيد ذلك وكذلك الأخ يعقوب السبتي وقمنا بكتابة تعهد بضمان الدفع شهرياً وأننا متضامنان معاً في ذلك، حددنا تاريخ استلام المفاتيح، وانتظرنا موعد وصول أم محمد وأبناءها .

رن جرس الهاتف حيث الأخ حمد على الطرف الآخر يبلغني بوصولهم وأنها يقيمون في أحد فنادق لندن، شعرنا بالراحة والطمأنينة وأبلغت زوجتي بذلك، كما طلبت من الأخ حمد إبلاغي عن موعد مغادرتهم لندن إلى مدينتنا، وبالفعل بعد يومين أو ثلاث أبلغني بذلك وعلى ما أتذكر كان في وداعهم في محطة القطار وأبلغني بساعة المغادرة، وذهبت إلى محطة قطار نوتنكهام لأكون في استقبالهم، وركبنا سيارتنا المتواضعة لنذهب إلى منزلنا، حيث استقروا معنا لأيام معدودة، وفي هذه الفترة تم ابلاغنا من المكتب العقاري الذي استأجرنا منه الفيلا الخاصة بأم محمد بأنها جاهزة، فانتقلت إلى هناك وكانت في منطقة جميلة تسمى الولتون وبدأت عائلة الأخ سامي حياتها العادية هناك، بعد أن جهزنا الفيلا بما يلزم .

هذه بعض الذكريات عن تلك الفترة العصيبة من تاريخ الوطن.. وللحديث تتمة إن شاء الله تعالى.

 

 

أرفق هنا بعض الصور الخاصة برحلتنا إلى بريطانيا قبل وأثناء وبعد فترة الغزو الصدامي للكويت

سيد رضا الطبطبائي - حسن سيد رضا - حسين سيد رضا

يعقوب السبتي - سيد رضا الطبطبائي - فيصل السبتي - تسنيم سيد رضا

عبدالمحسن جمال - عادل الصغير - سيد رضا الطبطبائي - سيد كمال بهبهاني - المرحوم الحاج عبدالرحمن الصغير

سيد رضا الطبطبائي - تسنيم سيد رضا

حسين سيد رضا - حسن سيد رضا مع بعض الأصدقاء الإنجليز

حسن سيد رضا

سيد رضا الطبطبائي

سيد رضا الطبطبائي - زهراء سيد رضا - تسنيم سيد رضا

محمد تقي غالب - عبدالمحسن جمال

أحمد سيد كمال - المرحوم الحاج عبدالرحمن الصغير

هاشم عبدالحكيم - عبدالحكيم الصغير - سيد رضا الطبطبائي

حسين سيد رضا مع صديقه الإنجليزي نايك

سيد رضا الطبطبائي - عبدالمحسن جمال

كعكة الإحتفال

حسن سيد رضا وبعض الطلبة والطالبات في المدرسة

 

حسين سيد رضا - حسين عبدالمحسن أثناء الاحتفال

حسين سيد رضا - حسين عبدالمحسن أثناء الاحتفال

زهراء سيد رضا - حسين عبدالمحسن - عبدالمحسن جمال ومعلمات المدرسة يقمن بتقطيع الكعكة لبدء الاحتفال وتوزيعها على الطلبة

حسين سيد رضا وصديقه الإنجليزي نايك

سيد رضا الطبطبائي - مدير المدرسة - زهراء سيد رضا

حسن سيد رضا

عبدالرزاق عبدالمحسن - حسن سيد رضا

حسين سيد رضا

الطلبة والطالبات يتجمعون حول الطاولات لتناول الكعكة

حسن سيد رضا

أمام كعكة الاحتفال

 

صورة كعكة الاحتفال تتصدر صحيفة EVENING POST في نوتنغهام في إنكلترا

 

بعض المستندات والوثائق الخاصة بتلك الفترة

 

 

صور من دفتر الشيكات الذي تم تزويدنا به من مؤسسة الضمان الاجتماعي في انكلترا بشأن الدعم المالي لنا

  

صورة لتذكرة العودة إلى الكويت بعد التحرير

 

 

صور للفعاليات التي أقيمت لتحرير الكويت..



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «1»

25/02/2016م - 11:36 صد عبدالحكيم عبدالرحمن الصغير - الكويت
سيد رضا يعطيك الف عافية على توثيق يوميات الغزو ة و الفتره العصبيه منها.



اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: