فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





عادل حسن دشتي - 10/07/2010م - 9:39 م | عدد القراء: 1796


كم يطابق القول المأثور (خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ) حياة فقيدنا السعيد العالم المجاهد المرجع السيد محمد حسين فضل الله، فيكفيك أن ترى الحشود تلو الحشود وهي تسير بنعشه الطاهر إلى مثواه الأخير في مسجد الإمامين الحسنين عليهما السلام في ضاحية بيروت الجنوبية، لتعرف كيف أثر هذا العالم المجاهد في قلوب وعقول مريديه ومحبيه وجميع من عرفه، ويكفيك أن تتابع ذلك الإصطفاف الشعبي والطائفي والديني والحزبي والرسمي الكبير الذي ضم مختلف الأطياف في لبنان، على الرغم من كل التناقضات والتباينات بين الفرقاء في لبنان، إلا أنهم جميعا اتفقوا على عظم مكانة ودور الفقيد الراحل في لبنان كل لبنان، فلم يكن يوماً لفريق دون سواه، فقد كان للجميع وعمل للجميع فأحبه الجميع، ويكفيك أن ترى تقاطر جموع المعزين من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي ومن مختلف الطوائف الاسلامية والمسيحية أيضا لتعرف كيف ملك هذا العالم المجاهد قلوب الملايين وتجاوزت آثاره وأفكاره ونظرياته كل الأطر الفكرية والحزبية والمذهبية والمناطقية الضيقة لتنطلق من الفضاء المحدود في محيطه الشخصي إلى الفضاء الواسع للعالم بأسره، وفي ذلك حالة تكاد تكون فريدة في عالمنا الإسلامي اليوم، فلك أن تطوف على مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية وتبحث عن أولئك العظماء الذين سخروا حياتهم للأمة بأسرها فلن تجد سوى ثلة قليلة منهم من  الذين نذروا كل حياتهم وجهدهم وطاقتهم لأيتام الأمة وشبابها ومفكريها ومجاهديها وقضاياها وهمومها وأحلامها ومستقبلها، وكان السيد الفقيد أحد أبرز أولئك العظماء.

وعليه فلم يكن غريباً أن تبكيه عيون وأقلام المفكرين والكتاب العرب والمسلمين في مشرق العالم العربي والإسلامي ومغربه، فقد كان أباً ومعلماً ومرشداً لكثير من أولئك المثقفين في مختلف أرجاء العالم من مختلف المدارس الفكرية والمذهبية الإسلامية .

أما مواقفه الصلبة والواضحة في دعم المقاومة في لبنان وفلسطين فتلك حكاية أخرى، فقد كانت فلسطين شغله الشاغل وكان العدو الوحيد الذي يراه عدواً هو ذلك الكيان الصهيوني الغاصب للقدس وكانت بوصلته الجهادية واضحة راسخة من رسوخ الجبال، فلا عدو عنده سوى العدو الصهيوني، وما المحاولات الآثمة لاغتياله إلا دليل بسيط على ما نقول، ويكفيك ما قاله سيد المقاومة في حق السيد الفقيد وكيف أنه كان (لقد فقدنا اليوم أباً رحيماً ومرشداً حكيماً وكهفاً حصيناً وسنداً قوياً في كل المراحل، هكذا كان لنا سماحته ولكل هذا الجيل المؤمن والمجاهد والمقاوم منذ أن كنا فتيةً نصلي في جماعته ونتعلم تحت منبره ونهتدي بكلماته ونتمثل أخلاقه ونقتدي بسيرته، علمنا في مدرسته أن نكون دعاة بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نكون أهل الحوار مع الآخر وأن نكون الرافضين للظلم والمقاومين للإحتلال وعشاق لقاءٍ مع الله تعالى من موقع اليقين، وأن نكون أهل الصبر والثبات والعزم مهما أحاطت بنا الشدائد والمصاعب والفتن، فكان لنا الأستاذ والمعلم والعلم والنور الذي نستضيء به في كل محنة) .

وما زلت أذكر ذلك اللقاء الذي جمعنا والفقيد في مكتبه بمسجد الإمامين الحسنين عليهما السلام في بيروت بعيد إنتهاء حرب تموز 2006 عندما كنا في معية وفد شعبي كويتي مع نخبة من العلماء والفضلاء والكتاب نتحمد له بالسلامة ونبارك لهم بالنصر على الصهاينة وإفشال مخططاتهم الخبيثة في القضاء على المقاومة ورموزها وأهلها، فقد كان كما هو مع كل الناس بشوشاً مرحباً بضيوفه كأنه يعرفهم منذ زمن طويل..

فرحمك الله تعالى يا أبا علي فقد عشت حياتك مع الناس ولأجل الناس فبكتك العيون والقلوب، فهنيئاً لك هذا الحب الكبير الذي حملته للناس طوال حياتك فبادلوك به في حياتك وبعد مماتك، وإنا لله وإنا إليه راجعون..



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: