فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





السيد محيي الدين المشعل - 10/07/2010م - 9:03 م | عدد القراء: 2150




المرة الأولى التي التقيت فيها سماحة السيد المرجع محمد حسين فضل الله قدس الله نفسه الزكية، في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نهاية عام 1983، في أول حجة أحج فيها بيت الله الحرام، وكنت حينها لم أبلغ العشرين من عمري، عندما كنت طالباً في السنة الأولى في الجامعة، ورأيته رحمه الله تعالى شعلة من النشاط والحيوية، يصلي الفجر في سطح المبنى الذي كانت حملة التوحيد الكويتية تسكن فيه، ويشرح دعاءً من أدعية الأيام للإمام زين العابدين عليه السلام، ثم يبدأ قبل أذان الظهر بساعتين تقريبا حواراً مفتوحاً حول مختلف القضايا، ويخصص المقدار الأكبر للأسئلة الفقهية بشكل عام، ولمسائل الحج بشكل خاص، وكانت صلاة الظهر في السرداب، وأما صلاة المغرب فكانت كذلك في سطح ذلك المنزل، وكان يستعرض رحمه الله تعالى فلسفة الحج  وأحكامه بعد صلاتي المغرب والعشاء.

أول مرة التقيت به وجها لوجه،عندما كنت ذاهباً لأصلي خلفه صلاة المغرب في حملة التوحيد، وكنت أريد أن أسأله سؤالاً عن القصر والتمام وكنت مرتبكاً جداً كيف أسأل وكيف أصيغ السؤال ولكن استجمعت بعض قواي وقمت بين الفرضين فسألته، أجابني فشعرت أنه أب حقيقي، غمرني بأبوته، فملأ قلبي حباً له، وصممت على أن لا أترك حضور صلواته ومحاضراته في تلك الأيام المعدودات في مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا زلت مع ضعف ذاكرتي أتذكر كثيراً من التفاصيل والجزئيات في تلك الجلسات.

شعرت بأنه أنموذج آخر من العلماء، وإن كنا قد عرفنا كثيراً من أصحاب العلم والفضل والرفعة والعلو، ولكن مع ذلك شعرت فيه شخصية أخرى تختلف عن الكثير إن لم يكن الجميع ممن عرفت أو رأيت، ثم توطدت هذه المحبة عبر التعلق بكتبه ومقالاته، فكنا نتدارس في بعض كتبه، كالتفسير الذي علمني كيف أستوحي من الأيات بعض المقاصد والمضامين، وكتاب خطوات على طريق الإسلام، وبقية الكتب الأخرى، واستمرت هذه العلاقة الروحية والأبوية.

وكان آخر لقاء لي معه رحمه الله تعالى قبل رحيله بستة أشهر، حظيت بالجلوس معه على انفراد عشر دقائق لأن كل وقته مملوء، وتحدثت معه عن الحملة الشعواء المسعورة عليه، وهناك كلام لطيف وجميل حول اللقاءات الأخرى التي التقينا فيها به رحمه الله تعالى، ربما تسنح فرصة أخرى للحديث عنها.

رحمك الله يا سيدنا، الذي أشعرتنا بأن العالم يجب أن يكون أباً ومعلماً ومبدعاً وموسوعياً، وسلام عليك يوم ولدت ويوم لاقيت ربك، ويوم تبعث حياً، ورحم الله تعالى من قرأ سورة الفاتحة.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: