فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





عبدالله عادل بهبهاني - 10/07/2010م - 1:06 ص | عدد القراء: 2044




بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)

عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

(موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، وهو نجم طمس وموت قبيلة أيسر من موت عالم)

وعن الإمام الصادق عليه السلام:

(ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى ابليس من موت فقيه)

 

أعزي العلم والفكر.. أعزي الأدب والشعر.. أعزي المقاومة والجهاد.. أعزي الفقه والإجتهاد..

أعزيهم بأفول هذا الكوكب الذي طالما أنار الناس بالثقافة وغروب هذه الشمس التي طالما أشرقت لتمحو ظلام الخرافة.. أعزيكم وأعزي البشرية جمعاء برحيل هذا العلم الحبر والمصلح الفذ سماحة أية الله السيد محمد حسين فضل الله قدس سره الشريف.

من أًصعب المواقف هو أن تقف لترثي شخصاً عزيزاً، ولكن الأصعب هو أن يكون ذلك الشخص بمعزة وعظمة السيد فضل الله، فقد تميز الفقيد الكبير بالعمق الفقهي والتبحر العلمي الذي أهله لأن يكون مرجعاً للتقليد مع شجاعته في طرح ما يصل إليه عقله الحر دون أن يشكل الإحتياط حاجزاً يمنعه عن الإفتاء بالرأي الذي يعتقد بصحته، إضافة إلى غزارة التأليف بكتبه التي رفدت وأثرت المكتبة الإسلامية في مجالات متعددة دون أن يقتصر ذلك على كتب الفقه والأصول بل تعداها إلى الفكر والسياسة وهموم المجتمع والأمة، ناهيك عن احتضان المقاومة والدور الكبير في رفع الراية ضد الإستكبار والإستبداد ملهما للمقاومين وداعماً للمستضعفين وأبا للبدريين.

كما تميز بإعطاء بعد جديد للمرجعية وتواصلها المباشر مع الجميع دون حواجز، من خطب الجمعة والندوات الأسبوعية والمواظبة على حضور مواسم الحج ليلتقي المسلمين من شتى أصقاع المعمورة يتلمس همومهم ويتعرف حاجاتهم ويشفي صدورهم بإجاباته الصريحة الواضحة .

ثم أنه تجاوز ذلك لينطلق في خطوات عملية عملاقة نحو بناء مشروع المرجعية المؤسسة منفذاً لا منظراً فكان نتاج ذلك ما تشاهدونه اليوم وهو غني عن البيان والتعريف.

لقد أعاد المرجع الراحل رسم وصياغة صورة المرجعية الرشيدة كاسراً للحواجز المصطنعة ومتجاوزاً للخطوط الحمراء المتجذرة، فكان ثائراً على ذلك كله في فقهه وفكره وعمله ومواقفه السياسية وقربه من الناس فكان العداء وكانت الظلامة.

كان العداء لأن الشجرة المثمرة هي التي ترشق بالحجارة، وكان التشويه والكذب والتدليس لأن الخوف كل الخوف من الجديد الآسر للقلوب، وكان الإغتيال الفكري بعد أن فشل أسلوب التصفية الجسدية، وكانت الحرب على منهجه وسيلة تبتغي إرباك الوعي بغية إرباكه وإشغاله بالدفاع عن مواصلة مسيرة تحرير العقول ونفض الغبار المتراكم في إرثنا، ولكن ذلك كله لم يؤثر في السيد وحركته فلقد صمد وصبر وفي النهاية انتصر..

انتصر التنوير على الظلام.. والوعي على التخلف.. وما حظى به الراحل الكبير عند رحيله إلا دليل على هزيمة دعاة التحجر والصنمية وفشل حملتهم الظالمة.

يا أبا علي.. لقد رحلت جسداً ولكنك باقٍ فكراً وروحاً.. فقد تركت لنا خطوات على طريق الاسلام نقتفي أثرها، وبينات نهتدي بهديها، ووحي قرآن نتدبر فيه كلما قرأنا كتاب الله تعالى..

فآثارك ستبقيك خالداً، وعزاؤنا فيك قول أمير المؤمنين عليه السلام:

(هَلَكَ خُزَّانُ اَلْأَمْوَالِ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ وَ اَلْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ اَلدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَ أَمْثَالُهُمْ فِي اَلْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ)

سيدي وإن غاب الجسد، سيبقى فكرك النير يشع فينا ليهدينا، وروحك الطاهرة ترفرف علينا وتلهمنا..



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: