فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





سامي محمد العلي - 10/07/2010م - 11:22 م | عدد القراء: 1983


العلماء ورثة الأنبياء، وإذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة، وهكذا هي الحياة ، فكل من عليها فان ولا يبقى إلا وجه ربنا ذو الجلال والإكرام.

ولكن شتان ما بين موت العظيم وموت الوضيع، وبين العالم والجاهل، وبين من ملأ الدنيا بعلمه ومعرفته ومن كان الموت له أفضل للبشرية على استمرار حياته.

والعظماء تموت أجسادهم وتبقى أرواحهم ويخلد فكرهم، وتذكره الأجيال وتستفيد من علمه ما دامت حية - وها هو أحد أعمدة هذه الأمثلة الفقيد سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله - الذي انتقل إلى رحمه الله تعالى - تاركاً متاعب الدنيا لنا.

هذا العملاق الذي تشرفنا بمعرفته أنا وجيلنا منذ أكثر من أربعين عاماً، حيث كنا نستلهم فكره الذي سخره للشباب وللعاملين في الساحة الاسلامية، حيث كان عنوان الفكر النير ومصباح الهُدى لطريقنا، وعندما يصادفنا موقف صعب في الساحة كنا نرجع إلى كتابه (قضايانا على ضوء الإسلام) ونقرأه وما من مشكلة أو معضلة إلا وجدنا حلاً لها في هذا الكتاب.

وكيف أنسى سيدي جوابك ونحن في الطائرة إلى نيويورك عندما سألتك عن حكم التعامل مع غير المسلم فجاوبت مستلهماً تعاليم الإسلام الإنسانية (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) ؟!

وكيف أنسى يا سيدي أيام الحج عندما كنت المرشد الديني لحملة التوحيد الكويتية وأحد مؤسسيها، حيث كنا نفتح ونغلق باب قبول التسجيل بالحملة خلال ساعات بسيطة رغبة من الحجاج بمرافقة الحملة لوجودك ؟!

وكيف أنسى أيام الحج حين تدخل بيت الله تعالى الحرام عندها تحدث ربكة بين الحجاج ملتفين حولك من جميع بقاع العالم ؟!

وكيف أنسى موقفك وفتواك عن تفجيرات 9/11 عندما أصدرت فتوى تحرم قتل الأبرياء بهذه الطريقة مع موقفك المعروف المضاد للسياسة الأميركية في المنطقة ؟!

وكيف أنسى – سيدي – عمامتك السوداء الملطخة بالدماء حين أرادت أيدي الغدر الصهيونية إغتيالك، حيث (الموت لكم عادة) وأنت الأب الروحي للمقاومة الإسلامية.. وها هي أمنيتك الأخيرة وهي الزوال للكيان الصهيوني ؟!

وكيف أنسى – سيدي – موقفك تجاه الغزو الصدامي للكويت، ودعمك بكل قوة لنا ككويتيين بالصمود وعدم الفرقة أمام هذا الطاغي ؟!

وكيف أنسى – سيدي – حين زرناك أواخر أيامك في مقر إقامتك، وسألتك أسئلة والله لم أكن أتجرأ أن أسألها غيرك وأنت الذي علمتنا الصراحة، وجاوبتني وبكل صراحة وخرجت وكلي فخر ؟!

وكيف أنسى المبرات الخيرية للأيتام والأرامل المنتشرة بضواحي بيروت وغيرها التي سخرت جل حياتك لها ؟!

وكيف أنسى، وأنا أناقشك بمواضيع مختلفة تهمنا، وكنت تعطيني الأمان ليس بلسانك، ولكن بروحك ووجهك النير الذي ما جلست يوماً أمامك إلا وأحسست بالطمأنينة والسلام مع هيبتك التي ورثتها عن أجدادك ؟!

وكيف أنسى وأنت تقابل منتقديك بالفكر والدليل ودائماً تقول (هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) ؟!

وكيف أنسى – يا سيدي – ونحن في قمة الصراع، وتصدر فتوى بحرمة إثارة الفتنة ، خاصة بين المسلمين الشيعة والمسلمين السنة ؟!

وكيف أنسى وأنت حياتك كلها (من وحي القرآن) ؟!

وأخيرا يا سيدي.. إن الكلام ليعجز عن ذكر محاسنك، والعين لتدمع لفراقك العزيز، ولكن نقول كما قال سبحانه وتعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) .

فالسلام عليك سيدي يوم ولدت ويوم توفيت ويوم تلقى ربك راضياً مرضياً بإذنه تعالى.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: