فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





فاطمة محمد خضير - 11/11/2015م - 7:54 ص | عدد القراء: 2183


محمد خضير حبيب من مواليد الكويت ولد في 15/6/1935م، ولد في منطقة شرق في منزل جده التاجر الكبير (عباس مقامس) وتربى في هذا المنزل مع أخواله حمزة ، فاضل ، ومنصور مقامس. 

 

عاش محمد حبيب حياة الكويت القديمة بكاملها بما فيها من فطرة ونقاء النفس وبساطة الحياة بكل جوانبها حيث كان الناس في ذلك الوقت يعبدون الله عز وجل بالفطرة.

 

والده هو التاجر والنوخذة المعروف خضير حبيب والمشهور بين تجار الكويت وأكابرها بهذه القصة:

كان خضير حبيب تاجرا يجلب إلى الكويت من الأراضي التي كان يملكها في العراق الفواكه، والتمور، والخضروات في مواسمها ويوزعها على تجار الكويت من أمثال عباس مقامس وفي سنة من السنوات وعندما كانت سفينته تعود محملة بالبضائع هبت عاصفة قوية هوجاء وحطمت السفينة وغرق كل البحارة الذين كانوا على متنها وبقي خضير حبيب وبحار آخر يصارعان الأمواج فحمل خضير حبيب وسبح به ثلاثة أيام متواصلة حتى وصل إلى شواطئ الكويت.. وإلى جانب ما عرف عن خضير حبيب من شجاعة فقد اشتهر أيضا بالكرم والجود والتدين فكان يواظب على الصلاة دائما.. فكان لهذه الصفات التي اشتهر بها خضير حبيب أثرها الإيجابي في نفس ابنه أبو مصعب .

 

تعليمه..

درس أبو مصعب في المدرسة المباركية وكان متفوقا جدا وشديد الذكاء خاصة في مادة الرياضيات فكان يحل أصعب المسائل الرياضية مما كان يثير عجب المدرسين لهذه المقدرة النادرة، وفي سن الثامنة عشر أنهى دراسته الثانوية وعمل في وزارة الصحة ليعيل الأسرة المكونة من والدته وأخوه وثلاث أخوات فأشرف على تربيتهم ودراستهم حتى تزوجوا، واستمرت حياته حتى سن الخامسة والثلاثون حيث قرر أن يكمل تعليمه الجامعي ويتزوج .

 

دراسته الجامعية..

انتسب إلى جامعة بيروت العربية كلية التجارة / شعبة الإدارة والاقتصاد عام 1972م وحصل على الشهادة الجامعية عام 1975م .

في اثناء دراسته الجامعية رزق بابنته البكر (فاطمة) وابنه (مصعب) فكان في هذه الفترة من حياته يهتم بأسرته ويذهب إلى عمله مبكرا ويذاكر دروسه استعدادا للإمتحانات وكان كذلك يزور الدواوين ويمارس نشاطه الاجتماعي مع أصدقائه كما كان وقتها يشرف على بناء المقر الحالي لجمعية الثقافة الاجتماعية في منطقة ميدان حولي، فكان بعدما ينتهي من دوامه ظهرا يتجه إلى حيث العمل ويتناول غداءه معهم في بعض الأحيان ويشرف على البناء بنفسه حتى انتهى من بناءها وتأثيثها.

 

عمله..

بعد تخرجه ترقى إلى منصب مدير شؤون الفنيين والحرفيين بوزارة الصحة حيث عمل بوزارة الصحة 28عامـا ثم تقاعــد في 13/11/1982م . وقدمت له الوزارة ( وزارة الصحة ) كتاب شكر وميدالية تذكارية تقديرا على جهوده في خدمة الوزارة.

 

أسرته..

تتكون أسرته من زوجته و9 أبناء خمسة إناث وأربعة ذكور أكبرهم في سن 25 سنة وأصغرهم في سن السابعة .

 

سكنه..

كان يسكن منزلا متواضعا في منطقة مشرف لدرجة أن أحد الوزراء زاره في منزله فأبدى إعجابه وعجبه من البساطة التي كان يعيشها في منزله والتلقائية في الترحيب والاستقبال بدون تملق أو مبالغة فأعجب بشخصية محمد حبيب التي تتميز بالاتزان والتواضع فما كان من محمد حبيب إلا أن رد عليه: (من تواضع لله رفعه) فأبدى الوزير ارتياحه الكامل بالجلوس والحديث معه.

 

هواياته..

كان في أول شبابه يحب لعب كرة القدم والذهاب للبحر للصيد والسباحة وكان رياضيا قوي البنية لدرجة أنه ذات مرة أجريت له عدة فحوصات وعرضت على دكتور بريطاني وكانت التحاليل تشير إلى نسب عالية جدا من السكر والكولسترول وضغط الدم فاستغرب الدكتور وطلب مقابلة محمد حبيب ليتأكد بأن هذا الشخص لا يزال على قيد الحياة فاتصل الأطباء من مستشفى مبارك في محمد حبيب ليقابل الدكتور البريطاني والذي ما أن رآه حتى قال: هل أنت محمد حبيب ؟ فقال له : نعم . فقال الدكتور : أنا أتعجب من أنك أمامي وتكلمني فمن عنده هذه النسبة العالية يجب أن يكون عداد الأموات وهذا يدل على أنك تملك بنية جسدية قوية جدا.

أما هوايته الأساسية فكانت القراءة والاطلاع وخاصة الكتب الدينية كما كان يقرأ الكتب السياسية والاجتماعية.

 

كان يحب السفر والرحلات وخاصة إلى المقامات والعتبات المقدسة. وكان يحب الذهاب إلى البر والمشاركة في المخيمات في أيام الربيع كأي رجل كويتي. فقد كان إنسانا متفتحا يفهم بأن الدين أسلوب وقوانين إلهية تنظم الحياة وتجعلها أكثر سعادة .

 

مكتبته..

كانت مكتبته مضرب الأمثال لكبر حجمها وكثرة وتنوع كتبها، وكان يهتم كثيرا بترتيبها وتصنيفها، وللأسف فقد تعرضت بعض كتبه للتلف بسبب تنقله من منزل إلى منزل بسبب الأمطار التي دمرت وأتلفت معظم الكتب.

 

أعماله التجارية..

اشتغل في آخر حياته بالتجارة مدة قصيرة في سوق العقار إلى أن وافته المنية .

 

عباداته..

كان شديد الحرص على صلاته، فكان لا يتهاون في فرض وكان رغم مرضه يصوم (برغم أن الطبيب منعه من الصيام) ، وكان دائما يقرأ القرآن الكريم ويتأمل آياته بعمق كما كان يحفظه وكان لا يترك صلاة الليل أبدا .

 

كلمات كان يرددها..

  • في كل لحظة كان يردد (لا إله إلا الله ، والحمد لله) سواء كان ذلك في قيامه أو قعوده .
  • من أكثر الجمل والتي كان يرددها دائما خاصة أثناء عمله في الساحة الإسلامية (إن لي مع الله تجارة لن تبور) .

 

آرائه في الصداقة..

  • صديقك من يصدقك .
  • ما أكثر الإخوان حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل .

 

أدعية كان يرددها..

كل يوم كان يردد:

  • يا دائم الفضل على البرية، يا باسط اليدين بالعطية، يا صاحب المواهب السنية، صل على محمد وآله محمد خير الورى سجية، واغفر لنا يا ذا العلا في هذه العشية .
  • حسبي من هو حسبي، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الرب المربوبين، حسبي الخلق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي الله الذي هو حسبي .

 

حكمته في الحياة..

  • كان يردد لكل أهـله وأقربائه هذه الجملة.. هل أعددتم الحقيبة للسفر الطويل؟ (يقصد الموت) .
  • كثرة الضحك تميت القلب .
  • كان يقول لأبنائه دائما (إذا ضحكتم فقولوا: إلهي لا تمقتني) .

 

مواقف لا تنسى..

  • من ذكرياته مع البحر كان يروي لنا هذه القصة فكان يقول : خرجت يوما (للحداق) صيد السمك وكان معي على ظهر المركب (7 نواخذة) واتجهنا للحداق عند منطقة (أرياق السعودية) وقبل مغيب الشمس مر علينا مركب للشيخ سعد وأعطانا إشارة تحذيرية بأن هناك عاصفة قريبة تقترب وعلينا الرجوع إلى شاطىء الكويت لكننا قررنا أن لا نرجع وأن نبقى ونكمل رحلة الصيد ونصطاد صيدا وفيراً، وما أن غربت الشمس حتى اشتدت الريح وارتفع الموج وكانت الموجة عالية جدا، ومرت علينا نصف ساعة أو أكثر ونحن نصارع البحر والأمواج العالية وأصبحنا لا نعرف أين نحن بالتحديد أو إلى أين نتجه وكان الظلام شديدا ودامسا فما كان من النواخذة إلا أن استسلموا للموت وقالوا لي : إن شئت قد أنت المركب فقد فقدنا الأمل بالنجاة. فأمسكت المقود وكان عندي أمل بالله سبحانه وتعالى أنه سينقذنا ورحت أهلل وأكبر بصوت عال، وبعد صراع طويل وجدنا أنفسنا على شاطئ رملي لجزيرة في وسط البحر فبتنا ليلتنا على الرمال، وعندما استيقظنا في الصباح كان الجو قد تحسن تماما فركبنا قاربنا لنعود إلى الكويت وعندما ابتعدنا قليلاً عن الجزيرة اكتشفنا أن صخورها التي حولها هي صخور القصار وهي صخور مدببة حادة تستطيع أن تحدث ثقبا في هيكل القارب فحمدوا الله تعالى وشكروه على النجاة وعادوا إلى الكويت .

 

  • موقف آخر له عند حرق مسجد الإمام الحسن عليه السلام في بيان ، في أثناء بناء مسجد الإمام الحسن عليه السلام ذهب ليتفقد البناء فأخبره الحارس بأن جماعة ملثمين هاجموا العمال وضربوهم فقرر البقاء مع الحارس ، وجمع العمال وطلب منهم إكمال العمل وظل يراقبهم وقرر المبيت هناك حتى يرى من هم هؤلاء المعتدين وفي الصباح اتصل به أهله وذهب ليحضر لهم طلباتهم كالمعتاد، وفي هذا الوقت كان المجرمون يتربصون حتى إذا ما تحركت سيارته وغاب عن الأنظار اشعلوا النيران في منشآت المسجد. واجتمع الناس بعد الحادث واستنكروا هذه الفعلة الشنعاء وقرروا أن يخرجوا بمسيرة كبيرة تجوب شوارع الكويت حتى تصل إلى ساحة مسجد الامام الحسن عليه السلام، وأن تقام الصلاة بالساحة ويتم إلقاء الخطب والشعارات، لكنه هدأ الجو والناس وقال: (إن هؤلاء مجرمون يعمدون على إثارة الطائفية والفتنة في البلد ونحن قوم لا نريد إثارة البلبلة وسنتصرف بحكمة) ، ثم تصرف هو بالإجراءات المناسبة وتم بناء المسجد لأنه أراد أن يكون هذا المسجد عمل خالص لله عز وجل وقال: عملي هذا قربة إلى الله وليس للتفاخر أو الشهرة.

 

مواقفه أثناء الغزو الصدامي..

  • من أول يوم للغزو جمع الناس وبدأ يطمئنهم لأنه كان يحس بأن الغزو لن يدوم أو يطول وطلب من الناس عدم مغادرة الكويت والصمود فيها لأنها عائدة إن شاء الله تعالى، ويجب التمسك بالكويت حتى تبقى للكويتيين وهذا من دافع وطنية يدل على عمق نظرته وبصيرته (يجب أن يكون للكويت شعبا يحميها) .
  • قام بمساعدة الناس بتوزيع الأطعمة والنقود عليهم.
  • مسك مخازن خاله وبدأ يبيع للجمعيات التعاونية لأن المخازن كانت أمانة عنده وكان الجنود الصداميين في هذا الوقت يقتحمون المخازن ويسلبون ما فيها ويصادرون البضائع إلى العراق، فاقتحموا المخزن وأرادوا سلبه لكنه وقف صامدا في وجههم فوضع جندي عراقي السلاح في وجهه وأراد أن يطلق الرصاص لكنه بقي صامداً وظل يردد آيات قرآنية كريمة حتى نصره الله تعالى فأخذوا شيء بسيط من المخزن وانصرفوا وفي اليوم التالي ذهب للاطمئنان على المخزن فقال له أحد أصحابه لا تذهب لأن الجنود الصداميين في كل مكان لكنه صمم على الذهاب حتى يطمئن على الأمانة وكان يردد (لا أحد يموت إلا في يومه) ، وعندما ذهب مع سيد جابر بهبهاني لتوزيع المؤونة قبض الجنود الصداميين على سيد جابر وصادروا السيارة وتركوا أبو مصعب يرجع مشيا على الأقدام، ثم عاد مرة أخرى وذهب مع آخرين ليبحثوا عن سيد جابر وحدث لهم موقف مع الجنود الصداميين.

 

  • كان في المنزل متعاونا جدا خاصة وأنه في فترة الغزو لم يكن هناك خدم فكان يعد خبز التنور بنفسه لأبنائه وكان لديه في هذه الفترة طفلة صغيرة عمرها شهرين وقد اشتد بها المرض وكان كل ليلة يأخذها إلى مستشفى مبارك (في منتصف الليل ) بما في ذلك من خطورة لوجود السيطرات الصدامية في كل مكان، وكان ابنه الكبير يعمل مع المقاومة وطاردته القوات الصدامية أكثر من مرة ونجى منها وكان ابنه يخفي السلاح في سقف الشاليه والخزائن وامتلأ البيت بالسلاح فكان يرشد ابنه حتى لا يتمكن الجنود الصداميون من القبض عليه .

ملاحظة :

كان مصعب يخفي أمر عمله مع المقاومة عن أهله لكن أبو مصعب بذكائه وفطنته ومن نظرة واحدة إلى وجه ابنه علم بأنه يعمل مع المقاومة ضد القوات الصدامية فبدأ يرشده ويتحدث معه حتى لا يقع في أيدي العدو.

 

  • في يوم من أيام الغزو السوداء طرقت امرأة الباب وقالت: بأن هناك ضابط كويتي متخفي عن أعين الصداميين هو وعائلته ولا يستطيع الخروج فقام محمد حبيب بمساعدته وقال: أسألوها إذا كانت تعرف أحدا آخر يحتاج إلى مساعدة حتى نتكفل به .

 

  • في يوم من أيام الغزو اتصلت سيدة (قريبة أبو مصعب) بمنزل أبو مصعب لطلب النجدة لأن الخادم الهندي ذهب إلى المخفر وأحضر لها جندي عراقي وبدأ يهددها أن تدفع له وبالدينار الكويتي (معاشه) وكانت السيدة امرأة كبيرة السن وكان الجنود الصداميون في ذلك الوقت قد منعوا التعامل بالدينار الكويتي كما إنها لم تكن بالفعل تملك أي مبلغ بالدينار الكويتي، فما كان من أبو مصعب إلا أن اتجه إلى منزلها ودخل على الجندي الصدامي فأمسكه من ملابسه خارج المنزل ومنعه من دخوله وصرخ فيه: إنها امرأة كبيرة بالسن وليس لديها هذا المبلغ وأنتم منعتم التعامل بالدينار الكويتي .

وقال للحارس الهندي : عليك أن ترجع الآن لأنك لن تحصل على شيء من هذه السيدة الكبيرة وأخجلوا من أنفسكم وأنتم تتهجمون على سيدة وحيدة دون رجل فما كان منهم إلا أن خرجوا من المنزل وهذا يدل على شجاعته وغيرته .

 

كلمة في وداعه..

إنا على فراقك لمحزونون يا أبي، ما كنت أريد أن أودعك.. ولا أن أقول وداعا أبداً، لكنك رحلت وتركتني يصفعني اليتم ويكويني الفراق بآلامه، تركتني وحدي شاخصة بصري محدقة في الوجوه من حولي أبحث عن وجهك فلا أراه، وأظل في كل العيون أبحث عن عينيك الحنونتين فلا أجدهما، كان يوم رحيلك يوم نواح سنواتي وأيامي وتكالب حزني وآهاتي فقد أبي وحبيبي وروحي ونبض عروقي وقلبي وقفت على قبرك ساهمة شاردة أعد الأيام والسنوات فأحسها قصيرة سريعة مرت من بين يدي لتكبو عند عتبة قبرك.. جاء موتك ليعرقل مسيرة الزمن عندي، فالأيام تمر حزينة، منحنية يدمدم فوقها صوت النواح وتحدوها نداءات حزينة من قلوب يتيمة موجعة..

 

أبي الحبيب..

لو ظللت أكتب في وداعك كل يوم ألف ألف كلمة رثاء لما نفذ رثائي ولو ظللت أبي عليك كل يوم بألف ألف دمعة لما خمد صوت بكائي.. فلو بكيت عليك كل دهري ونحت كل عمري، وهجرت الضحك أبد دهري، لما أحس أحد بعظيم مرارتي وشدة حزني.. لكن ماذا أستطيع أن أقول يا أبي الحبيب غير إننا على فراقك لمحزونون.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: