فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





20/05/2012م - 11:06 ص | عدد القراء: 2651


مقابلة مع الحاج/ عبد الوهاب الوزان في مجلة العالم – العدد 421 – الصادرة يوم السبت 3 من شهر رمضان المبارك 1412هـ الموافق 7 آذار 1992م

عبد الوهاب الوزان أحد الشخصيات الكويتية التي بقيت في الكويت خلال فترة الاحتلال، وكان له دور بارز في تنسيق النشاطات الاجتماعية آنذاك، وهو الآن عضو بارز في الائتلاف الإسلامي الوطني الذي تكوّن بعد التحرير والذي يزمع – أي الائتلاف - خوض انتخابات مجلس الأمة المقبلة، التقته (العالم) في الكويت وسألته حول الأزمة وأجوائها وما كان يدور في الكويت خلالها. وفيما يلي نص الحوار:

الآن مر عام كامل على تحرير الكويت كيف تنظر إلى تجربتكم آنذاك قبل التحرير ؟

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كنا نعيش حالة الحرب في الكويت وكان هناك قصف شديد وخصوصاً بعض المراكز الأساسية للقوات الصدامية كمركز الصواريخ في المناطق الصناعية والمطار ومناطق الحدود. وفي الوقت نفسه كنا نسمع أزيز الطائرات باستمرار وكان القصف الجوي مستمرا خلال هذه الفترة.

الحرب البرية بدأت في وقت متأخر من الشهر أي في حوالي 23 شباط (فبراير) . وكان عندنا أمل في ذلك الوقت بتحرير الكويت منذ أن بدأ الهجوم الجوي، هذا الأمل كان ممزوجاً بالفرح والحزن لأن الشعب الموجود لم يكن يعرف بالضبط كيف سيكون مصيره. الناس كلها كانت لا تبارح البيوت وخصوصا في الأيام الأولى من القصف الجوي لأنهم لم يعرفوا ماذا كان يجري بالضبط وكانوا مستعدين استعدادا كلياً لموضوع الحرب الكيمياوية، لأن الحرب الكيمياوية روج لها من قبل العراق ومن قبل الغرب على أساس أن صدام يُحتمل أن يستعمل المواد الكيمياوية على الشعب الكويتي، وفعلا ثبت بعد التحرير أن هناك بعض الوثائق وبعض المواد الكيمياوية التي اكتشفت داخل المواقع مما أدى إلى شعورنا باليقين بأن الجيش العراقي كان عنده الاستعداد للهجوم الكيمياوي المدمر.

كان الكويتيون بين الأمل بالنجاة وتوقع الموت، وكان هناك احتمال موت 100 ألف من الكويتيين بالداخل في حال استعمال السلاح الكيمياوي، وإذا ما بقي الجيش العراقي في الكويت وصارت هناك حروب شوارع فإن الكويت ستتدمر عن بكرة أبيها، ولكن العناية الإلهية تدخلت وانهزم الجيش الصدامي في يوم الاثنين ولم يكن أحد منهم في البلاد صبيحة الثلاثاء.

خرج الجيش الصدامي بقواته وبسلاحه وعتاده ولو أنه ترك سلاحا كثيراً بالكويت ولكن ليس أقل من نصف مليون جندي تحركوا في ساعات وخرجوا من البلاد مهزومين مذعورين بحالة إرباك، ووجدنا صباح الثلاثاء الشوارع مليئة بالسيارات والدبابات والآليات والسلاح المرمي في كل مكان في المدارس والخنادق وعلى الشواطئ. كانت الكويت ثكنة عسكرية من السلاح والمتفجرات والمواد المدمرة، والحمد لله تعالى كانت هزيمة الجيش الصدامي في ذلك اليوم فرصة لا يتصورها أحد.

الكويت تحررت ولو أن هناك دماراً و 700 بئر كانت تحترق في ذلك الوقت، ولم يكن هناك كهرباء ولا تليفونات ولا بنزين ولا مياه ولا مواد غذائية إلا ما هو موجود ومخزن بالبيوت، حتى المخازن المليئة بالمواد الغذائية استنفدت ما بين الاستهلاك والتوزيع على الناس وعلى الجمعيات التعاونية وما أخذ الجيش الصدامي.

الجيش الصدامي طبعاً استلم الكويت وبدأ من الأيام الأولى من الاحتلال يفرغ المخازن في جميع أنحاء الكويت وينقل محتوياتها إلى العراق، فنقل المواد الغذائية بجميع أنواعها، وكانت شركات أولاد المرحوم جاسم الوزان عندهم ما يقارب 18 مخزناً من أكبر المخازن بالكويت لأنهم أكبر مستوردين للمواد الغذائية بالإضافة للمواد الكمالية الموجودة في مخازنهم وكذلك المواد الطبية .

 

هل سوف تقومون بتقديم طلبات ؟

كل هذه الأشياء موثقة وموجودة بفواتير رسمية من قبل الاحتلال الصدامي، فحين يأتون لأخذ المواد كانوا يعطون فاتورة بعد استلامهم للمواد ويقولون لك تعال استلم المبالغ بالدينار العراقي بعد فترة زمنية، ولم يذهب أحد لاستلام المستحقات لأن الدينار العراقي كان سعره 7 % من الدينار الكويتي، بل وصل إلى 5 % من الدينار الكويتي في فترة من الفترات خلال فترة الغزو، وظهر الطاغية صدام حسين على التلفزيون وقال إن الكويتيين يحاولون تخريب اقتصادنا عن طريق شرائهم (مسابيح اليسر) - وهو نوع من السبحات الجيدة - حيث يأتون إلى العراق ويشترونها بالدينار العراقي.

كان الشعور في الأيام الأخيرة من الاحتلال الصدامي متميزاً ببهجة ممزوجة بالألم لأنهم في الأيام الأخيرة بدؤوا يشحنون الشباب الكويتي بالشاحنات إلى العراق بالآلاف، فكانوا يدخلون عليهم بيوتهم ليستخدموهم دروعاً بشرية، وكانوا يجمعونهم بمنطقة (سجن الأحداث) وهذه المنطقة تجمع فيها ما يقارب عشرة آلاف كويتي أخذوهم إلى العراق، وهي نسبة كبيرة قياساً إلى 200 ألف كويتي بقوا خلال الاحتلال من أصل 600 ألف كويتي.

والجانب الثاني أننا شعرنا يوم 26 فبراير بالحرية، ويوم التحرير له ميزة وذوق خاص، فنحن شعرنا بالحرية من جهتين: لانهزام المعتدي ولأن الكويتيين حكموا أنفسهم لمدة يوم واحد وهذه حالة نادرة بان الشعب يحكم نفسه، حيث تنسمنا ريح الحرية في ذلك الوقت.

 

كيف كان شعور الناس ؟

الناس كلها خرجت بالشوارع مبتهجة بالأعلام والصور، أنا واقعاً لا أعرف من أين خرجت هذه الأعلام والصور لأن جيش الاحتلال دخلوا جميع المنازل يبحثون عن الصور والسلاح والأعلام، وإن البهجة التي عمت شوارع الكويت في يوم 26 و 27 فبراير شيء خيالي. وحين أجرى مراسل محطة الـ (abc  ) مقابلة معي في الشارع وسألوني: ما هو شعورك وماذا ترى في هذا اليوم ؟ قلت: علاوة على هذا السواد وهذه المأساة أجد بهجة في نفوس البشر ولأول مرة في الشهور السبعة. فقد كنت أرى الناس يومياً بالشوارع وأحياناً نضطر للرجوع في ساعات متأخرة من الليل في ظلام دامس بالسيارة وكانت قذائف الـ (آر . بي . جي) موجهة علينا ، لكن الله عز وجل حفظنا.

وقد اعتقلنا يومين أنا وأحمد الوزان والشيخ علي السالم الصباح، وكان مع أحمد الوزان مبلغ وقدره 9 آلاف دينار عراقي، وعملية نقل الأموال خلال الفترة هذه لها طابع خاص وميزة معينة، فأخذونا عند المسئول وجرى معه حديث وأخرجهم بعد دفع مبلغ من المال إليه، وفي اليوم الثاني نفس المسئول الأمني أخرجني بغرامة 14 ألف دينار، والحمد لله هكذا كانت، فآخر أيام الغزو اعتقلوا كثيرا من الشباب وأخذوهم من المساجد والمنازل كما ذكرت وكان يوم التحرير بسبب ذلك يوماً خاصاً في نفوس الشعب الكويتي.

 

في هذه الشهور السبعة الحزينة لماذا لم تفكروا بالخروج مثلما فكر الآخرون ؟

وجدنا أنه يجب أن نبقى بالكويت لأنه إذا خرج الشعب الكويتي من الكويت فمن يبقى لهذه الأرض، من الصعب على الإنسان أن يترك أرضه بهذه السهولة، فارتباط الإنسان بالأرض عامل أساسي.. الشيء الثاني ارتباط الإنسان بشعبه، والأمر الثالث انه كان عندنا الحاجات الحياتية التي نمون بها الشعب فيجب المحافظة على هذه المواد بقدر المستطاع لإطعام الناس منها ولدينا مصانع مثل مصنع اللحوم لشركة أولاد المرحوم جاسم الوزان وقد كان يعمل طوال أيام الغزو حتى انتهى اللحم من عندنا، وأغلقنا قبل التحرير بشهر مصنع اللحوم، أما مصنع المعلبات الذي يعمل المواد الغذائية المعلبة من فول وحمص وبزاليا فقد أغلق قبل التحرير بثلاثة أيام، وكان المصنع الوحيد الذي يشتغل بالكويت كلها، والمواد الخام كانت موجودة عندنا، وبعض مواد الخام مثل الفول والحمص والحمص الناشف استطعنا الحصول عليها من مخازن بعض التجار الكويتيين حيث اشترينا المخازن كلها من أصحابها.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: