فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





معصومة خضير حبيب - 18/05/2012م - 6:24 م | عدد القراء: 2594


وهذه أخته الدكتورة معصومة خضير حبيب تروي عن نشأة عائلته الكريمة ودوره التربوي وتحمله مسئولية العائلة وهو لا يزال شاباً طرياً..

عندما توفي والدي (خضير حبيب) رحمه الله تعالى كنت وقتها طفلة صغيرة في الثامنة من عمري، وكان أخي (محمد خضير حبيب) الأخ الأكبر، كان فتى يافعاً في عز شبابه، فقام على تربيتنا (أنا وأخواتي وأخوتي) بعد وفاة والدي، فعرفناه أباً أكثر منه أخاً.

كان يصطحبنا معه إلى البر وإلى خارج البلاد بالسيارة وكان كثير النكته مرحاً.. كريم اليد مؤدباً وخلوقاً معنا جميعاً وعلى الأخص والدتي التي كان يحترمها كثيراً.. كان رحيماً بالفقراء، شديد الكرم والسخاء وكان لا يرضى بالظلم أبداً.

وظل يتعهدنا بالتربية والتوجيه إلى أن كبرنا فكان شاهداً على زواجنا جميعاً.

كان أخي (محمد) يكلمنا كثيراً عن والدي وعن شخصيته وحضوره القوي بين كبار التجار في الكويت وذلك لأنه كان كثيراً ما يرافقه عندما كان يبيع على تجار الكويت بضاعته، فقد كانت الكويت في ذلك الوقت وقبل ظهور النفط دولة صغيرة أو شبه قرية إذا صح التعبير، وكانت الحياة فيها تعتمد على محلات صغيرة لبيع الفواكه والتمور وغيرها من الأشياء والتي كانت تجلب من العراق أو الهند.

كان خضير حبيب رحمه الله تعالى تاجراً معروفاً له الكثير من الأملاك والأراضي في العراق، كان يمتلك بساتين كبيرة مليئة بالفواكه والخضروات والتمور، فكان يقوم بجلب هذه البضاعة على متن مراكبه إلى الكويت ويقوم ببيعها على كبار التجار في الكويت ومن بينهم جدي عباس مقامس رحمه الله تعالى وغيره من التجار، حيث كان والدي هو الممول الأكبر لمتاجرهم.

ونظراً للمكانة التي كان يحتلها خضير حبيب بين الناس فقد زوجه عباس مقامس إحدى بناته (مكية مقامس) والتي أصبحت بعد ذلك والدة (محمد خضير حبيب) .

كان منزل جدي عباس مقامس منزلاً ضخماً وكبيراً يضم ديوانية كبيرة ومطبخ خاص للعزائم والولائم التي كان يقيمها (عباس مقامس) كل خميس ليوزع على الناس الأطعمة المختلفة من أرز ولحم، وخضار وفواكه، والتي كان يندر وجودها في ذلك الوقت.

كان هذا المنزل الكبير يتصل ببيوت صغيرة هي بيوت بناته ومنهم والدتي رحمها الله تعالى (مكية مقامس) ، كانت هذه البيوت الصغيرة تتصل بالبيت الكبير، فكنا نقضي كل اليوم في منزل جدي عباس مقامس، ولا نذهب إلى هذه البيوت إلا عند النوم، فكان منزل جدي عباس مقامس الكائن في شرق هو المنزل الذي تربينا ونشأنا فيه جميعاً بما فينا أخي (محمد) .

فكان لهذه البيئة وهذه النشأة أثرها الكبير على سلوك ونفسية محمد خضير حبيب، فقد عاش الحياة ببساطتها، واكتسب من البيت الذي عاش فيه صفات الكرم والنبل والتواضع .

كما كان لوفاة والدي خضير حبيب دور كبير في صقل شخصية أخي (محمد) وذلك لأنه تحمل مسؤولية أسرة كاملة وهو شاب صغير السن (19 سنة) .

كلمة في وداع أبو مصعب..

لا أدري ماذا أقول وأنا أودعك.. هل أقول أخي الحبيب أم أبي العزيز.. لقد رحلت في غفلة من الزمن.. رحلت مبكراً.. كنت الأخ والأب معاً.. كنت دائماً أستنير برأيك السديد ببعض ما يواجهني من مشاكل الحياة.

كانت زياراتك لي في المنزل أو في العيادة الدافع القوي لي لمواصلة العطاء.

كنت دائماً صبوراً في الشدائد والمرض، فلم تكن متذمراً لأنك كنت تعرف أنه امتحان دنيا عابرة وزائلة، ولأنك كنت تريد أن تتخطى الامتحان بنجاح فتكون من الفائزين بالآخرة إن شاء الله تعالى.

كنت بسيطاً متواضعاً، رغم كل ما كنت تتمتع به من أصالة في النسب ومن علم غزير لكن كل هذا لم يزدك إلا تواضعاً وتبسطاً مع كل الناس.

كنت تكره النفاق والتملق والكذب لذا كانت صراحتك تغضب المتملقين وأصحاب النفوس المريضة. كنت تأخذ من المال كفايتك فقط وما هو مطلوب لتحقيق أمور الحياة من مأكل وملبس ومشرب، لم يكن المال يوماً هدفك ولم تسع إليه طيلة حياتك، كنت تجمع المال منك ومن كبار الخيرين من أهل الكويت لتسد به رمق الفقير وتمسح به دمعة اليتيم.

كنت حنوناً تحب مجالسة الأطفال والتحاور معهم، وكان هذا يسعدك ويدخل البهجة إلى قلبك الرقيق والذي ظل طيلة حياتك حتى لحظة وفاتك أبيضاً كالثلج .

فوداعاً يا أبي العزيز.. وداعاً يا أخي الحبيب.. ونم في قبرك مرتاح البال بعد أن أديت واجبك تجاه ربك وأهلك ووطنك.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: