فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





هدى محمد خضير - 17/05/2012م - 9:03 ص | عدد القراء: 2902


وهذه ابنته الحبيبة هدى محمد خضير حبيب تقول في أبيها العزيز..

حياة أبومصعب كانت صورة لحياة المجاهد والمؤسس للحركة الإسلامية، فقد كان يقضي معظم وقته خارج المنزل، وكانت الساعات التي يقضيها في البيت قليلة لكنها كانت مقسمة ومنظمة فكما كان يقول: لكل شيء وقته.

كان يومياً يقرأ الجرائد اليومية بدقة ويسمع الأخبار ثم يقوم بتحليل ما قرأ وسمع، ويدرسها دراسة دقيقة فيكوّن صورة عما يجري في العالم من أحداث.

كان دائماً مشغول الفكر في العمل الإسلامي.. كان قليل الكلام يعرض أفكاره بصورة رؤوس أقلام ثم يجول نظره في وجه أبنائه ليرى ردود الأفعال ثم يبدأ بتلقي أسئلتهم الصغيرة ويجيب عليها بكل رحابة صدر، فقد كان يؤمن بأن الطفل يجب أن يشغل تفكيره فيما حوله، وأن يعتاد نقاش الأفكار الرئيسية.

كان يحب القراءة ويحث أبنائه عليها ويصطحبهم في بعض الأحيان إلى المكتبات وإلى معارض الكتب وينتقي لهم القصص والكتب التي يقرؤونها ثم يناقشهم فيها.

كان مع أبنائه حازم في غير شدة.. لين في غير هوان.. كانت الساعات القليلة التي يقضيها مع أبنائه في المنزل مليئة بالحب والحنان يختلط فيها المرح والدعابة بالجد والنقاش، كان يروي لهم القصص والحكايات فيحكي لهم عن حياته التي عاشها في الكويت قديما في (شرق) وعن البحر الذي كان يحبه ويروي لهم قصص الأنبياء عليهم السلام ويستخلص منها العبرة ويقربها من عقولهم وأنفسهم.

كان أبومصعب إنساناً نافذ البصيرة يملك إحساساً فريداً نافذا، يفهم من خلاله النفس البشرية فكان دائماً ينظر للناس بعين البصيرة كما كان يملك عقلية عبقرية في الرياضيات لدرجة أنه يحسب بسرعة عجيبة حتى لو كان الحساب لصالح الشخص المقابل ولو كان المبلغ بسيطاً جداً لأنه يرفض الحرام ويحرص على الحلال في كل قرش من أمواله، فالدنيا بالنسبة له رحلة ما فيها قليل لا يساوي شيئاً مقابل الآخرة، والجري وراءها سباق خاسر والربح الحقيقي لا يكون إلا مع الله سبحانه وتعالى، وقد كان دائماً يردد: إن لي مع الله تجارة لن تبور.

كان يواظب على الصلاة ويحث أبناءه عليها وكان لا يقطع صلاة الليل أبداً فهذه لحظاته التي يختلي فيها بربه.

كانت حياته مليئة بالجهاد والنشاط حتى جاءت الأربع سنوات الأخيرة من حياته والتي رفض فيها العلاج الطبي واتجه إلى زيارة الإمام الرضا عليه السلام (فكان له الشفاء بإذن الله تعالى) فسافر لزيارته في مرقده الشريف في مشهد المقدسة، وقد بلغ فيها البلاء ذروته والألم شدته، فقد كان يعاني من مرض شديد لكنه كان يرفض أن يشكو لأحد خاصة بعد اصابته بجلطة في الدماغ عام 1995م، لكنه كان ورغم كل آلامه يفكر بالفتن التي تعج فيها الساحة الإسلامية، لكنه طوى آلامه وأحزانه واعتزل الناس فقد أعطى وقدم كل ما لديه واتجه إلى الله عز وجل يصلي ويدعو له: اللهم لا تجعل فتنتنا في ديننا وأحمنا من مظلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

كان حريصاً على قراءة سورة يس المباركة في كل مساء، كما أنه لم يترك هوايته المفضلة (القراءة) فكان آخر كتاب يقرأ فيه هو (المهدي المنتظر "عج") وكان يدعو: اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.

ويوماً بعد يوم ازدات الآلام والأوجاع، ألم المرض ووجع الفتن التي تفتك بالأمة فوقف ينظر إلى الساحة الإسلامية وقال كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: لقد ملأتم صدري غيظاً وشحنتم نفسي قيحاً.

وقام يدعو كل ليلة: يا ربي اقبضني إليك فلقاؤك أحب إليّ من هذه الدنيا .

فكان كما قال أمير المؤنين عليه السلام في وصف المؤمنين: أجسادهم على الأرض وأرواحهم معلقة بالملأ الأعلى .

إلى أن استيقظ ذات ليلة من نومه وقد رأى في منامه والده ووالدته وأخاه الأكبر الذين سبقوه إلى جوار ربه فأطرق رأسه وضرب بكفه على رجله وقال: هذه هي النهاية .

ولم يمر أسبوع واحد على هذا المنام حتى سقط صريع المرض ثم كان الرحيل.



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: