فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





سيد رضا الطبطبائي - 28/12/2015م - 10:30 م | عدد القراء: 2656


بدأت الدراسات الإسلامية الصيفية في جامع النقي في منطقة الدسمة (دولة الكويت) في وقت مبكر جداً، ويبدو وهو الأرجح بأنها كانت الأولى من نوعها على مستوى المساجد، حيث لم تكن معروفة من ذي قبل، وعلى ما أتذكر كانت في السنوات الأولى من سبعينيات القرن العشرين، ولم تكن بهذه الصورة المتشعبة والمتنوعة والمكثفة التي نراها في وقتنا الحالي، والتي انتشرت في المساجد والحسينيات والمنازل والدواوين والمراكز الإسلامية، وأتذكر جيداً بأنني أشرت على سماحة الشيخ على الكوراني إمام الجامع في أوائل العطلة الصيفية، قائلاً له ما رأيكم في اقامة واعداد بعض الدروس للشباب حيث المدارس والطلبة في إجازة طويلة، وأوقات الفراغ كثيرة، وصحيح أن البعض يسافر، ولكن هناك مجموعة كبيرة من الشباب يبقون في الكويت ولا يغادرونها.

استحسن سماحة الشيخ الفكرة، وقال لي وما دوري أنا، اجبته بأن الدور سيكون لبعض الأخوة الكبار، وبعض الجامعيين وبعض الذين لهم دور في عملية التدريس، فهم الذين سيتولون المهمة، وتنظيم العملية، وإلقاء الدروس، وأما بالنسبة لسماحتكم فالمحاضرات التي تنظم في الديوان مساءً كافية، ولا نريد أن نشغلكم عن التزاماتكم اليومية، وهنا يجب أن أشير بأن البرنامج اليومي لسماحته كان مملوءاً ومكثفاً لدرجة أنه في كثير من الأيام لم يكن يملك الوقت اليسير للنوم والراحة، وأتذكر بأنه كان لا يحصل إلا على ساعتين لذلك، نظراً لارتباطاته ونشاطاته وفعالياته المختلفة سواء داخل الجامع أو خارجه، ناهيك عن ديوان منزله الخاص بجوار الجامع ولقاءاته ودروسه المكثفة التي كان يلقيها على بعض الأخوة الأعزاء، وكان النشاط يدب في الجامع صباحاً ومساءاً، وهو معروف لدى الأخوة الذين كانوا من رواد الجامع في تلك الفترة، وأعيد للذكرى مرة أخرى بأن تلك الفترة كانت فترة مفصلية وحاسمه لتنشئة جيل واع يرتكز على الشباب، جيل رسالي إسلامي، يتخذ من الإسلام منهجاً، ويبدأ بالحركة من خلاله في المجتمع ليصبح تياراً كبقية التيارات الأخرى التي تعبر عن وسائلها وأهدافها، و تعمل على التوسع والامتداد والتأثير في المجتمع كبقية التيارات الأخرى.

بدأنا ببرنامج متواضع، ودروس مبسطة جداً، وكنا في بادئ الأمر نجلس في مكتبة الجامع حول طاولة تسع لعدة أشخاص لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، وكان من ضمن الذين يحضرون الدروس التي كانت أشبه بالتحاور والمناقشة لموضوع أو كتاب أو فصل معين منه، الأخوة الكرام عبد المحسن جمال وعبد الهادي الصالح وعبدالمطلب الوزان وخليل السلمان، ثم سرعان ما تطور الأمر وفي فترة بسيطة حيت تم الانتقال إلى داخل المسجد وبدأنا مرحلة جديدة، وبدأ عدد المنتظمين فيها بالازدياد وخاصة بعد أن تحدثت مع العم الحاج كاظم عبد الحسين والعم الحاج علي كرم حفظهم الله تعالى لتشجيع أبنائهم للانضمام وحضور هذه الدروس، وبحق كانوا من المتفاعلين معنا في ذلك، وكان من بين الحضور أيضا مصطفى والمرحوم نبيل وعلي والمرحوم هاني والمرحوم عدنان أبناء المرحوم العم عبدالحميد الصالح، وفي وقت لاحق أخوهم الأصغر أحمد، وأما العم الحاج كاظم عبد الحسين فقد فرض على أبناءه جميعاً الالتزام بحضور هذه الدروس، ويوما بعد يوم بدأ النشاط يدب في الجامع وخاصة أن عددا كبيراً من الشباب بدأوا يتوافدون خلال الفترة الصباحية للاستفادة منها، وفعلاً بدأنا نشعر بأن هناك حاجة ماسة إلى بعض المدرسين والتربويين للمساعدة في انجاح البرنامج وتم تكليف بعض الأخوة ومنهم عبدالمحسن جمال والحاج أسعد خريبط وآخرين لإلقاء بعض الدروس من خلال الحلقات التي كانت تعقد لأجلها، وجدير بالذكر بأنه لم يكن هناك فصل بين مستويات الملتحقين بالدورة، بل كان الكل يحضرها، سواء كان في المستوى الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي، وبالمناسبة فلم تكن الدورة لها أية تكلفة مالية، ولم تكن هناك ميزانية مخصصة لها وكانت مع ذلك من النشاطات الناجحة والتي جذبت عدداً كبيراً من الشباب، وكان عدداً كبيراً من الأسر وأولياء الأمور بدأوا بالتفاعل معها وتشجيع أبناءهم للمشاركة فيها، على كل حال كانت الدورات الدراسية هذه بسيطة جداً وكانت تسميتها في البداية (الدراسات الصيفية) وكان عدد المشاركين فيها متواضعاً، وكانت الدروس تتناول العقائد والأحكام الشرعية، وسيرة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام، وأصول الدين وفروعه، وأحكام التقليد والصلاة والوضوء، بصورة مبسطة، وكنا نعلمها للشباب الذين كانوا صغاراً في تلك الفترة كما كان دارجاً لدينا، وأتذكر بأنه في أحد الايام توقفت عند كلمة (المسافة التلفيقيه) ولم أكن اعرف معناها، فبعثت استفسر عنها من خلال ورقة صغيرة مع الشهيد ياسر الكوراني وقلت له اذهب إلى سماحة الوالد وآتني بالجواب فوًرا، فأحضرها لي ومكتوب فيها (ذهاباً وإياباً) وكانت هذه الدورات خالية من كل شيء تقريباً فلا سبورة للكتابة عليها، ولا وجبة للطلاب، ولا نشاطات عادية، ولا رحلات ترفيهية، وكانت بحق (ناشفه) وكان كثير من الطلبة يبوح ويعرب عن استياءه وخاصة في الأيام الأولى من الدورة حيث كان الشباب يتفرغون في العطلة الصيفية للعب كرة القدم وتنظيم مباريات لها، والذهاب إلى البحر للسباحة، والقيام ببعض النشاطات الترفيهية المعهودة في تلك الأيام، ولكنهم وخاصة في العام الأول للدورة فقدوا كثيراً منها، وخاصة أعزتنا من الشباب الذين كانوا مرغمين في حضورها، وحدثني الأخ الكريم ميثم كاظم في احدى المرات (بأننا كنا نتحلطم على السيد رضا اللي وهقنا في الدورة) ويقصد من ذلك حديثي مع والده حفظه الله تعالى وفرضه على أبناءه جميعاً حضور الدورة (وخرب علينا اللعب والنوم) ، ولكنه للإنصاف يقول أنها فعلاً كانت خطوة مهمة للالتزام والبقاء في أجواء الإيمان حتى أيامنا هذه.

بعد سنوات قليلة تطورت الأمور الخاصة بالدورة، وأخذ عدد الشباب يتزايد بشكل ملحوظ، وأخذوا يتفاعلون معها تفاعلاً كبيراً، وبدأنا بتنظيمهم حسب المستويات التعليمية، وقمنا بزيادة عدد الحلقات الدراسية، والاستعانة بعدد أكبر من المدرسين، وبعد أن استطعنا دخول مجلس ادارة جمعية الثقافة الاجتماعية بأغلبية مريحة، ونقل مقرها إلى منطقة المنصورية وبناء المبنى الحالي لها في ميدان حولي، ارتأى الأخوة الكرام نقل هذا النشاط إليه، نظراً لوجود عدد لا بأس به من القاعات والفصول يمكن استخدامها لممارسة هذا النشاط، فضلاً عن الخدمات الاخرى المتوافرة هناك، وعندها بدأت مرحلة جديدة لهذا النشاط، وتم تنظيم واعداد (دورة الدراسات الصيفية الإسلامية) بصورة أخرى، وعلى أسس جديدة، ومواد متنوعة، مع ادخال بعض المسابقات الدينية والثقافية فيها، وكذلك إقامة بعض النشاطات الرياضية، وتقديم بعض المشروبات الباردة وأنواع من الأكل الخفيف، واصبح هذا النشاط من الأنشطة المميزة والفعاليات المنظمة، وكان عدد المشاركين فيه بالمئات، وكنا نقوم بتأجير عدة باصات لإحضار المنتظمين فيها إلى مقر الجمعية من منازلهم وبالعكس، وأصبحت مناهج الدورة أكثر تطويراً وغطت عددا كبيراً من المواد من بينها الفقه والسيرة والعقيدة والتاريخ والأخلاق.

 وعلينا في هذا النشاط ألا ننسى عطاء ومساهمة العنصر النسائي المميز والذى كان له أكبر الأثر في تشجيع عدد كبير من الأخوات للالتزام بالخط الإسلامي الواعي المنفتح الذى بدأ يشق طريقه في المجتمع ويفرض نفسه بالساحة الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية.

 وأخيرا نأمل من الأخوات المؤمنات اللاتي واكبن وساهمن في هذا النشاط توثيق ما يمكن توثيقه للحفاظ على ما قمن به من عمل جبار حفظاً له من النسيان والاندثار، وبقاءه ضوءاً يستنير به الأجيال.

 والحمد لله رب العالمين



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: