فيسبوكواتسابتويترابلاندرويدانستجراميوتيوب





سيد رضا الطبطبائي - 12/03/2012م - 11:37 ص | عدد القراء: 2728


من المخيمات المعروفة التي كانت تقام أيضا تحت إشراف ثلة من الأخوة الأعزاء من الجماعة المباركة "مخيم النشاط" والذي كان يستغرق فترة طويلة بالنسبة للمخيمات الأخرى فكانت تمتد فترة إقامته إلى نهاية شهر مارس من كل عام، ونستطيع أن نقول بأنه كان امتدادا لمخيم الغدير حيث كان جميع المنتظمين فيه هم من منظمي ومعدي مخيم الغدير ولهم نشاطاتهم ومسؤولياتهم وتواجدهم فيه، وكان ذلك يعقب مخيم الغدير مباشرة، فينتقل الأخوة الأعزاء إلى مخيم النشاط الذي كان يقام في منطقة أم الرمم قرب الوادي المعروف بـ (وادي أم الرمم) وكان ذلك في أوائل سبعينيات القرن العشرين، وشخصياً كنت من رواده ومنظميه لسنوات طوال، وإذا لم تخني الذاكرة فإنني لم أحضر فقط المخيم الأول للنشاط إلا بصورة متقطعة، أما بعد ذلك فكنت مع الأخوة الذين يديرون المخيم ويهيئونه ويتواجدون به يومياً ويزودونه بكل المتطلبات والحاجيات.

وأود الإشارة أيضا إلى أن المسؤولية فيه كانت عادية لأن المخيم كان يقتصر على الموظفين وطلبة الجامعة وقد أصدر المسؤولون عنه هذا القرار تجنبا للإحراج ، ومنعا للمشاكل التي كانت قد تنجم عن وجود طلبة المراحل الأخرى (ابتدائي/ متوسط / ثانوي) ولم تحدث خروقات في هذه الفترة إلا من المرحوم الحاج كايد شهاب الذي كان يصطحب أبناءه إلى المخيم وهم في المرحلة المتوسطة لأيام عدة وأذكر بأنني كنت أعيدهم إلى منزلهم في منطقة بنيد القار بعد أداء صلاة الفجر في المخيم للذهاب بعد ذلك إلى المدارس، وجدير بالذكر أن مجموعة من الموظفين أمثالي ومن طلبة الجامعة كانوا يبيتون الليل في المخيم وفي الصباح الباكر يذهب كل إلى عمله، ومن المفارقات العجيبة إننا كنا في أيام المخيم نذهب إلى أعمالنا بوقت مبكر جداً مقارنة مع ذهابنا إليه ونحن في منازلنا، أما عدد الذين كانوا يتواجدون هناك يوميا قليل بالنسبة للمخيمات الأخرى وخاصة الملتزمين بالمبيت حتى الصباح الباكر وهم عادة الأخوة سيد عدنان عبد الصمد، سيد عبد الصاحب الطبطبائي، خضير علي (بوعادل) ،عدنان أبو الحسن، فؤاد أبو الحسن، عبدالله الكاظمي، أحمد لاري، وكاتب هذه السطور وبعض الأخوة الآخرين، وأيضا بعض الأخوة الذين كانوا يستمرون في التواجد حتى الفجر بين فترة وأخرى، ولكن عادة في نهاية الأسبوع كان الهجوم يقع علينا من جميع الفئات العمرية بحيث كانت الخيم المعدة للنوم لا تتسع للأعداد الكبيرة منهم، وكان معروفا بأن المطبخ والمخزن و "الماجلة" يجري تنظيفها من قبلهم وكنا لا نعاني نقصاً في المواد والمأكولات والمشروبات إلا ليلة السبت التي كانت ترى هدوءً في كل شيء.

ومنطقة أم الرمم منطقة واسعة جميلة لا يرتادها كثير من الناس وغير معروفة بالنسبة للكثيرين في تلك الأيام، وكان الهدوء يسودها طوال فترة وجودنا هناك وكان الربيع في غاية الروعة والجمال، النباتات المتنوعة والأعشاب المختلفة والورود الجميلة تغطي مساحات شاسعة، وكانت الأعشاب والنباتات طويلة بحيث كان بعض السيارات تختفي وهي تجوب الطرق الصحراوية الضيقة فيها، وكان الوادي أيضاً (وادي أم الرمم) يتوسط المنطقة وكانت المساحات الكبيرة من بعد الوادي مفتوحة لا يتواجد فيها إلا بعض رعاة الغنم وعددهم قليل جداً وبعض بيوت الشعر، أما عدد المخيمات في المنطقة فلم يكن يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة وكان المخيم المعروف هناك هو الخاص بالمرحوم الشيخ مبارك عبدالله الجابر ـ رئيس الأركان الأسبق ـ ومخيم آخر باسم مخيم جمال، وكان العم المرحوم الحاج عبدالهادي جمال من المتواجدين الرئيسيين فيه، وعدد آخر من عائلة فرج وبهبهاني الكرام.

كنا غالبا نجلس في خيمة منصوبـة نسميـها "الطياريـة" كـانت بـدون "رواقات" لتناول وجبة الفطور صباحا بعد صلاة الجر، وكنا نجلس عصراً في الهواء الطلق لتناول الشاي والمكسرات وبعض الفواكه وكان المنظر الرائع عند الغروب يجلب كل من كان يتواجد هناك، فالجو اللطيف والأمطار الخفيفة كانت تغطي المنطقة بأكملها في فترات طويلة وبعدها كنا نشتم رائحة الورود والنباتات والأعشاب، رائحة زكية تنعش الروح وتنشط الجسم، وكانت الورود نراها بأنواعها المختلفة في فترات متتابعة بحيث كان في كل فترة يغطي أحدها منطقة شاسعة وثم يليه النوع الآخر وهكذا، وكانت الأرض تبدو كبساط أخضر تتخللها الألوان المتعددة، وبالفعل كنا نشعر بالربيع أجمل الفصول الذي يعتدل فيه الجو ويطيب فيه النسيم والأزهار تتفتح فيه بألوانها المختلفة زاهية فتضفي على البر ما يفتح النفس ويشرح الصدر والشمس تطلع فيه مشرقة صافية مع الطيور المغردة والشادية، والسحب تمر ممطرة وتبعث الروح والحياة في الأرض الجرداء.

كان كل ذلك من مظاهر الطبيعة الجميلة في تلك الأيام التي تسعدنا وتسرنا وتهيئ لنا طاقة نشطة من السعادة والحيوية وتبعث في نفوسنا السرور وفي قلوبنا الطمأنينة لذلك كنا نحرص على التواجد في المخيم أطول فترة ممكنة وكنا كثيرا ما نتفرغ تفرغا كاملا من خلال تقديم إجازات لجهات عملنا لقضاء الوقت الممتع هناك.

ولكن في السنوات الأخيرة لمخيم النشاط، قلت الأمطار وتغير الجو وغابت عنا تلك المناظر الجميلة الخلابة والجو البديع، وزاد الطين بلة عندما تعرف الشباب على المنطقة وأخذوا يرتادونها بسياراتهم بكثافة وأعداد كبيرة لإقامة المسابقات اليومية التي كانت لا تخلو من "التقحص والتشفط" وأصبحت الأرض جرداء بحيث غاب عنها جمال الربيع وحيويته وطبيعته الخلابة والجذابة، ولكن لحسن الحظ تم بعد ذلك بسنوات تسييج المنطقة بأكملها وأدخلها ضمن محمية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح .

نعم مع كل ما ذكرناه نقول للحقيقة أيضا لم تكن تخلو تلك الفترات من بعض العواصف الرملية والرياح العاتية، خاصة في إحدى المرات هبت علينا عاصفة قوية وشديدة، وقد كنا جهزنا "سماط العشاء" ووضعنا عليه بعض المأكولات والخبز منتظرين الطباخ (محمد قلي) أن يجلب لنا المشويات فغطت الأتربة كل شيء وانعدمت الرؤية دفعة واحدة بحيث أننا لم نكن نرى الخيم التي كانت تبعد عنا بعض الأمتار وكان عندنا أيضا بعض الضيوف فتناولنا العشاء بعد أن استطاع الطباخ أن يلف المشويات بإحدى الدشاديش وجلبها إلى "سماط الأكل" ، وفي أحد الأيام بعد العصر وقبل المغرب هطلت علينا الأمطار بقوة وشدة ونزلت معها كميات هائلة من المياه بحيث أصبح البر الشاسع في المنطقة يبدو كبحيرة مليئة ولم تستمر الأمطار لفترة طويلة بل لوقت محدود وكنا بعد ذلك نسمع صوت السيول تتدفق على الوادي حتى بعد منتصف الليل وكان تملأ المياه المنطقة كلها تقريبا حتى أن البعض استخدم التناكر لجلب المياه منها، وكان الناس يذهبون إليها مع عائلاتهم لقضاء بعض الوقت الجميل لعدة أيام ولا يفوتني أيضا أن أذكر بأننا كنا نقوم بدعوة مجموعة كبيرة من الوجهاء وكبار القوم وشيبه جامع النقي وبعض الدواوين، واستمرت الدعوة للتواجد في المخيم بعد نجاح الأخ سيد عدنان عبد الصمد في انتخابات 1981م، وكنا نقضي أوقاتا جميلة نمارس فيها رياضة المشي وكرة الطائرة .

وكنا نقضي أوقاتا ممتعة في وادي (أم الرمم) ونتعرف على بعض الأعشاب والنباتات الصحراوية وكذلك الورود المختلفة وكان بعض الشَيبة يقومون بشرح أنواعها وأسماءها، أما اللبن الطبيعي فكان يجلبه لنا الأخ أبو مساعد الذي كان يعمل في مزرعة الشيخ جابر العلي الصباح القريبة منا والتي سميت بعد ذلك بمزرعة العبدلي.

كانت تلك الأيام جميلة وكانت المحبة والألفة تلف علاقاتنا جميعا مع الجو الحلو الرائع وراحة النفس والبال وجمال الطبيعة، ومن مميزاتها أيضا روح التعاون والأسرة الواحدة، ولم نواجة خلال تلك الفترة موقف شجار أو غضب أو توتر في العلاقات، آملين من الله العلي القدير أن يديم علينا رحمته ورأفته ويجعلنا من المحبين في سبيله ومن أجله وأن يوفقنا لكتابة المزيد من ذكريات تلك الأيام وما أكثرها ونأمل أيضا مشاركة الأخوة الآخرين معنا في ذلك.

وأخيرا لماذا سمي هذا المخيم بمخيم النشاط؟

نحيل كل الأخوة الذين يريدون معرفة ذلك إلى الأخ العزيز والنائب المخضرم السيد عدنان سيد عبدالصمد !

والحمد لله رب العالمين،،



التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقعالتعليقات «0»


لاتوجد تعليقات!




اسمك:
بريدك الإلكتروني:
البلد:
التعليق:

عدد الأحرف المتبقية: